عودة السياسي المخضرم حيدر العطاس إلى العاصمة الجنوبية عدن بعد غياب دام لعقود من الزمن يثير العديد من التساؤلات والجدل بين الأوساط المثقفة والسياسية. والشارع الجنوبي بشكل عام ويرى العديد من الناس أن العودة بحد ذاتها حق طبيعي لاسيما لأولئك الذين عاشوا تداعيات الصراعات السياسية ومع ذلك، فإن المخاوف تنبع من أن هذه العودة قد تكون جزءاً من محاولات إقليمية لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الجنوب من جديد بما يتناسب مع مصالح خارجية.
يشير العديد من المراقبين إلى أن هناك قوى إقليمية تستغل شخصيات بارزة مثل العطاس لمحاولة زعزعة التوافقات المتبقية بين القوى الجنوبية. ففي الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة، مثل خطر الحوثيين والمشروع التوسعي لإيران، يجري الانحراف بالاهتمام نحو صراعات داخلية، تعزز الانقسامات بدلاً من توحيد الصفوف لمواجهة الأهداف المشتركة
وتتزايد التحركات في الفترة الأخيرة لتشكيل مجالس جنوبية بتمويل اقليمي تهدف إلى تمثيل مكونات مختلفة في الجنوب، وتحويل القضية الجنوبية إلى مجرد مطالب مناطقية يمكن معالجتها بشكل مستقل. حيث يعبر العديد من المثقفين عن قلقهم من أن هذه التوجهات قد تؤدي إلى تقسيم الجنوب إلى وحدات جغرافية منفصلة، ما يجعل من الصعب الدفاع عن الجنوب ككيان موحد.
ويرى البعض أن عودة العطاس، واحتمالية انضمام شخصيات أخرى معه تأتي في سياق استراتيجية إقليمية تهدف إلى خلق تعدد في القيادات الجنوبية، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات الداخلية. هذا الوضع، بحسب المراقبين، لا يصب في مصلحة الجنوب ولا اليمن بشكل عام، بل يفتح المجال أمام القوى الإقليمية لتحقيق مصالحها على حساب استقرار البلاد.
كما أن هناك مخاوف من أن تفضي هذه الاستراتيجية إلى صراع القوى الإقليمية على المصالح في الحنوب إذا استمر هذا السيناريو، فقد يجد الجنوب نفسه أمام مشهد جديد من كيانات جنوبية متعددة تتصارع على التمثيل السياسي، ما قد يؤدي إلى اندلاع صراعات داخلية تهدد بتقويض الجهود الرامية إلى مواجهة الحوثيين.
ويأمل الكثير من الناس أن لا يصبح العطاس مجرد أداة في لعبة المصالح الإقليمية، وألا يختتم حياته كوسيلة لتحقيق أهداف بعيدة عن مصلحة الجنوب واليمن ككل. إذ يتطلع الجميع إلى أن تتحد كافة القوى لمواجهة التحديات الأساسية، بدلاً من الانجرار نحو صراعات جانبية تضعف الصف الجنوبي في مواجهة المخاطر التي تهدد البلاد.