حتى وقت قريب كان الديمقراطي جروفر كليفلاند، الرئيس الأمريكي 22 و24، الوحيد الذي تولى الرئاسة الأمريكية مرتين بفاصل زمني. ترامب الجمهوري انضم أخيرا إلى هذا السلف. ترامب الرئيس الأمريكي 45 في الفترة بين عامي 2017 – 2021، والآن الرئيس المنتخب 47، حرم المرشح الديمقراطي كامالا هاريس من الفوز بالمقعد الرئاسي، وحرم سلفها الديمقراطي جروفر كليفلاند من الاستفراد بمرتبة الرئيس الأمريكي لولايتين غير متعاقبتين. خلال ولايته الرئاسية الأولى، فعل دونالد ترامب الكثير ولم تسلم منه عدة أطراف على حد سواء في معسكر الحلفاء مثل الأعضاء حلف الناتو الذين ضغط عليهم لزيادة مساهمتهم المادية في تكاليف “حمايتهم”. في معسكر الخصوم، نذكر إلغاء الاتفاق النووي مع إيران والحرب التجارية التي أعلنها ضد الصين. في نفس الوقت حاول ترامب الاتفاق بالحسنى مع الزعيم الكوري الشمالي والتقى به ثلاث مرات أعوام 2018، 2019 و2021. جروفر كليفلاند، عديل دونالد ترامب في تولي رئاستين غير متواليتين كان أول ديمقراطي يصل إلى منصب الرئاسة بعد الحرب الأهلية. تولى الرئاسة الأمريكية من عام 1885 إلى 1889 ثم عاد مجددا رئيسا في الفترة بين عامي 1893 – 1897. جروفر الذي قدم إلى السياسة من سلك المحاماة تمكن من التهرب من الخدمة العسكرية في ذروة الحرب الأهلية من خلال تعيين بديل مكانه في شكل مهاجر من بولندا. على الساحة الدولية أثناء ولاية كليفلاند الرئاسية الأولى كانت خالية من النزاعات. وكان الرئيس وقتها يتمسك بالدفاع عن عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وفي المجال الاقتصادي، تمكن من تحقيق فائض في الميزانية بقيمة 100 مليون دولار. بالمقابل، اتهمه خصومه الجمهوريون بعدم حماية المصنعين الأمريكيين بشكل كاف من تدفق البضائع الأجنبية إلى السوق الأمريكية. هذا الخلاف كان مصيريا في الحملة الانتخابية لعام 1888. كليفلاند، الذي كان يستعد لإعادة انتخابه، سدت أمامه الطريق، كما يعتقد البعض، برقية من السفير البريطاني تمنى له فيها النصر. الجمهوريون اعتبروا ذلك “تدخلا بريطانيا في الانتخابات”. كليفلاند خسر حينها السباق الرئاسي أمام الجمهوري بنيامين هاريسون. بعد أن نقل صلاحياته إلى الرئيس الأمريكي المنتخب، عاد جروفر كليفلاند إلى مزاولة مهنته السباقة في نيويورك، إلا أنه مع اقتراب نهاية السنوات الأربع وجه بشكل متزايد انتقادات لإدارة هاريسون، وأعلن في عام 1892 استعداده لخوض الانتخابات والعودة إلى الرئاسة. حقق جروفر كليفلاند في 8 نوفمبر عام 1892 انتصارا كاسحا على هاريسون، وأصبح بذلك اول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يعود إلى البيت الأبيض للمرة الثانية بفاصل زمني. مع ذلك، توصف الولاية الثانية لكليفلاند بأنها لم تكن ناجحة، حيث عانت الولايات المتحدة وقتها من انهيار سوق الأسهم، والإضرابات العمالية نتيجة لدعم جروفر لرؤوس الأموال الكبيرة. في تلك الحقبة، لم تكن عدد الفترات الرئاسية محددة في التشريعات السارية، إلا أن جروفر كليفلاند كان يعاني من مشاكل صحية إضافة إلى انخفاض شعبيته لذلك لم يدخل السباق الرئاسي التالي. بالنسبة لدونالد ترامب، فهو يواجه على الساحة الدولية في الولاية الثانية التي ستبدأ مطلع العام المقبل أوضاعا أشد توترا وأكثر تعقيدا مما كانت عليه في ولايته الأولى. كيف سيتعامل مع الصين ومع كوريا الشمالية وكذلك إيران؟ وكيف سيتعامل بالدرجة الأولى مع الأوضاع المتفجرة في الشرق الأوسط وحيال النزاع الأوكراني؟ هذه هي الأسئلة الرئيسة التي تثار في هذه الحقبة القلقة من تاريخ العالم.