من يظن أن أحداث الصراع العربي الإسلامي محض صدفة فهو واهم،الحقيقة أن ما يجري في العالم العربي والإسلامي ليس إلا نتيجة لمخططات استراتيجية مدروسة بدقة، بدأت ملامحها تتشكل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، هذه الأحداث، التي لا تزال تطبع تاريخ المنطقة، هي في الواقع حلقات متتالية من حرب غير معلنة، تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالح القوى الكبرى.
ومن أبرز هذه الأحداث وأكثرها تأثيرًا كان “الربيع العربي” في عام 2011.م هذا الحدث الذي بدأ كحركات احتجاجية شعبية في بعض البلدان، سرعان ما تحولت إلى فوضى عارمة، وكان له تأثير مدمر على استقرار الأمة العربية والإسلامية، الربيع العربي لم يكن مجرد سلسلة من الانتفاضات، بل كان طعنة قوية في خاصرة الأمة، إذ استُغلت الأوضاع السياسية والاقتصادية الهشة لفتح أبواب التدخلات الأجنبية وتغذية الصراعات الداخلية، وهو ما أسهم في تدمير الدول العربية وتحويلها إلى ساحات حرب مفتوحة.
لكن ما يجهله الكثيرون هو أن هذه الفوضى كانت جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة وفقًا لمصالح القوى العظمى، كانت تلك الأحداث بمثابة وسيلة لزرع الفتن وتفكيك الدول العربية والإسلامية، لتصبح كيانات ضعيفة يسهل السيطرة عليها وتوجيهها،لم يكن الربيع العربي سوى أداة من أدوات الحرب غير التقليدية، التي تشمل أيضًا الحروب بالوكالة والفوضى المنظمة والضغوط الاقتصادية.
اليوم، ندفع ثمن تلك المخططات التي عملت على إضعاف الأمة وإحداث تغييرات جذرية في هويتها السياسية والاجتماعية،لقد سعت القوى الكبرى إلى تدمير الدول الوطنية العربية، وتعزيز الانقسامات الطائفية والعرقية، لتصبح المنطقة ساحة مفتوحة للتدخلات الخارجية،ما نشهده اليوم من صراعات مستمرة وتوترات داخلية هو نتيجة مباشرة لهذه السياسات التي تهدف إلى خلق بيئة غير مستقرة تسهل الهيمنة الغربية.
الحقيقة ان ما يواجهه العرب والمسلمون اليوم هو تحدٍ كبير، وهو نتيجة لتراكمات قرون من الصراع الاستعماري والسياسي،فهم اليوم بحاجة إلى أن يدركوا أن الوحدة والتماسك هما السبيل الوحيد لمواجهة هذه المخططات، وأن استعادة السيادة على مصيرهم هو الحل الوحيد للتصدي لهذا الهجوم المستمر على هويتهم واستقرارهم.