*التخطيط والتكامل في صيانة الطرق: بين النصوص القانونية وتخبط القيادة*
كتب م.رياص حسن زين
مدير عام المؤسسة العامة للطرق فرع محافظة لحج
———————————-
يشكل قانون إنشاء صندوق صيانة الطرق ولائحته التنفيذية إطارًا متكاملًا يهدف إلى تنظيم أعمال الصيانة للحفاظ على استدامة شبكة الطرق الوطنية في اليمن. ومع ذلك، ومنذ تأسيس صندوق صيانة الطرق في عدن عام 2018م، ظهرت فجوة كبيرة بين النصوص القانونية والتطبيق العملي، حيث اتسم أداء الصندوق بالتخبط والارتجال، ما أدى إلى تدهور شبكة الطرق وتجاهل المعايير المحددة في القانون واللائحة. هذا التخبط جاء نتيجة لإدارة غير كفؤة تحكمها المصالح الشخصية، وهو ما تسبب بأضرار فادحة للبنية التحتية وأثار احتجاجات واسعة.
*أولًا: التخطيط والتكامل وفق القانون*
وفق القانون رقم 22 ولائحته التنفيذية، كان من المفترض أن يعمل صندوق صيانة الطرق على صيانة شبكة الطرق كمنظومة واحدة مترابطة، مع مراعاة التوزيع العادل للموارد وفق أولويات مدروسة بناءً على دراسات فنية واقتصادية. ومن أبرز ملامح التخطيط القانوني:
1. *تنوع وتكامل أنواع الصيانة:*
الصيانة الاعتيادية، الصيانة الوقائية، الصيانة الدورية وإعادة التأهيل، الصيانة الطارئة، وصيانة السلامة المرورية.كل نوع يسهم بشكل تكاملي في تعزيز استدامة الطرق ، مع تركيز واضح على التدرج في الأعمال وفق توقيت محدد.
2. *تكاملية الشبكة:*
التعامل مع شبكة الطرق في المحافظات المحررة كشبكة مترابطة تُخدم كيانًا واحدًا، بما يضمن التوزيع العادل للموارد وتحقيق الاستدامة.
3. *الدراسات الفنية والرقابة:*
اعتماد آليات التخطيط المبني على الدراسات الفنية والاقتصادية لضمان تحديد الأولويات وتوزيع الموارد بشكل متوازن وفعّال.
*ثانيًا: التخبط في الأداء العملي لصندوق صيانة الطرق*
(1) *إهمال الصيانة الشاملة*
– لم يتم التعامل مع شبكة الطرق ككل مترابط. تم تجاهل الطرق الدولية والرئيسية التي تربط المحافظات، وخصوصًا في المحافظات الشرقية مثل شبوة وحضرموت.
– غياب التخطيط أدى إلى تركز الجهود في مشاريع غير ضرورية بينما تُركت الطرق الحيوية دون صيانة.
*(2) العمل بشكل ارتجالي وغير منهجي:*
– توزيع الموارد كان عشوائيًا ووفق مزاج وهوى رئيس الصندوق معين الماس.
– افتقار القيادة الحالية للصندوق للكفاءة والخبرة أدى إلى تعطيل كثير من المشاريع الحيوية.
*(3) محاربة المؤسسة العامة للطرق والجسور:*
– المؤسسة العامة للطرق والجسور، التي تعد الجهة الرائدة في صيانة الطرق منذ أكثر من 50 عامًا ولها تواجد فعلي في جميع المحافظات المحررة، تم تهميشها بشكل متعمد.
– كان يفترض أن تُسند للمؤسسة أعمال الصيانة الاعتيادية، الطارئة، والسلامة المرورية، إلا أن المصالح الشخصية بين قيادة الصندوق وبعض شركات القطاع الخاص حالت دون ذلك .
– تعمدت القيادة عرقلة صرف مستخلصات المؤسسة مما تسبب لها بخسائر فادحة، في حين تم توجيه المشاريع لشركات خاصة تخدم المصالح الشخصية.
*(4) مطالبات رسمية من المحافظات:*
– قدم محافظو شبوة وحضرموت مطالبات رسمية لمحاسبة رئيس الصندوق نتيجة إهمال الطرق الدولية التي تربط محافظاتهم بالمنافذ الدولية والمحافظات الأخرى.
– هذه المطالبات تعكس غضبًا واسعًا نتيجة الإضرار بمصالح المواطنين والبنية التحتية المحلية.
*ثالثًا: الأضرار الناجمة عن سوء الإدارة*
1. *تدهور البنية التحتية:*
– تسبب الإهمال والفساد في تدهور كبير لشبكة الطرق، وزيادة التكاليف اللازمة لإصلاحها مستقبلًا.
2. *ارتفاع معدلات الحوادث المرورية:*
– غياب أعمال الصيانة والسلامة المرورية أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات الحوادث.
3. *إضعاف المؤسسة العامة للطرق والجسور:*
– تم تدمير واحدة من أبرز المؤسسات الوطنية لصالح شركات خاصة .
4. *تأثير سلبي على الاقتصاد المحلي:*
– أدى إهمال الطرق الدولية إلى تعطيل حركة النقل بين المنافذ الدولية والمحافظات الداخلية.
*رابعًا: دعوة للإصلاح والتغيير العاجل*
*خطوات مطلوبة فورًا:*
1. *يقاف القيادة الحالية للصندوق وإحالتها للتحقيق:*
– محاسبة المسؤولين عن الإهمال والفساد الإداري.
2. *توزيع الموارد بعدالة:*
– العمل على صيانة شبكة الطرق كمنظومة واحدة متكاملة وفق أولويات محددة بالقانون.
3. *إعادة تفعيل دور المؤسسة العامة للطرق والجسور:*
– إسناد أعمال الصيانة الأساسية للمؤسسة لضمان جودة التنفيذ.
4. *إعادة هيكلة الصندوق:*
– تعيين قيادة جديدة تتمتع بالكفاءة والخبرة للقيام بالمهام المنوطة.
5. *الاستجابة لمطالب المحافظات:*
– العمل على صيانة الطرق الدولية التي تربط المحافظات بالمنافذ والمناطق الأخرى كأولوية قصوى.
*تحذير من تصاعد الأزمة:*
– في حال استمرار الوضع دون تغيير، فإن إدارة المؤسسة العامة للطرق والجسور، بكامل فروعها ونقابات العمال، تعتزم تنظيم وقفات احتجاجية واعتصامات مفتوحة.
– التصعيد قد يصل إلى *ثورة عمالية واسعة* تمتد إلى مؤسسات وقطاعات حيوية أخرى في البلاد.
*الخاتمة:*
إن استمرار التخبط الإداري والإهمال في إدارة صندوق صيانة الطرق لا يهدد فقط شبكة الطرق الوطنية بل ينذر بتفاقم الاستياء الشعبي وصولًا إلى اضطرابات عمالية كبيرة. الحل يكمن في إصلاح شامل للصندوق والتزام كامل بالقوانين المنظمة، مع إعلاء المصلحة العامة على المصالح الشخصية. هذه الإجراءات ضرورية لاستدامة شبكة الطرق وحماية اقتصاد البلاد ومصلحة مواطنيها.