الصدارة سكاي/ متابعات
قال الرئيس التنفيذي للمركز الدولي للتحليل والتنبؤات السياسية، دينيس كوركودينوف، إن استمرار الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه بات خطرًا يهدد المنطقة بأسرها، مشددًا على أن الحل الوحيد للصراع المستعصي هو العودة إلى ما قبل العام 1990م، والاعتراف الدولي بواقع دولتين مستقلتين.
وأضاف كوركودينوف أن اليمن يقف على أعتاب انقسام تاريخي بعد أن بلغ الصراع بين الشمال والجنوب نقطة اللاعودة، موضحًا أن الحفاظ على دولة موحدة أصبح وهمًا خطيرًا، أثبتت التجارب أنه يفاقم الأزمات ولا يفتح أي أفق للسلام أو الاستقرار.
وأوضح أن أكثر من عشر سنوات مضت منذ تدخل التحالف بقيادة السعودية عام 2015 دون أن يتحقق سلام حقيقي، مشيرًا إلى أن البلاد غرقت أكثر في الانهيار. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فقد أودى الصراع بحياة ما يزيد على 375 ألف شخص، معظمهم بسبب المجاعة الناتجة عن الحصار وتدمير البنية التحتية. وقال كوركودينوف إن هذه الأرقام تعكس مأساة أعمق عنوانها انهيار الدولة الوطنية، وتحول اليمن إلى مصدر مستمر لعدم الاستقرار يهدد أمن الإقليم برمته.
وأكد الخبير الروسي أن اليمن لم يكن يومًا كيانًا متجانسًا، إذ تطور الشمال والجنوب كلٌ على حدة، فالشمال ظل خاضعًا للأئمة الزيدية لقرون، بينما خضع الجنوب للحماية البريطانية ثم تحول إلى دولة ماركسية. وعندما أُعلنت الوحدة في 1990، كانت أقرب إلى “زواج مصلحة” فاشل، ظهرت هشاشته سريعًا مع حرب 1994 التي كشفت أن التعايش بين الشطرين قائم على تناقضات عميقة.
واعتبر أن جميع محاولات إعادة بناء الدولة منذ 2015 باءت بالفشل، لأن جوهر المشكلة يكمن في استحالة فرض شراكة قسرية بين الشمال والجنوب. وأشار إلى أن اتفاق الرياض عام 2019 بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي فشل في تحقيق تسوية، بل انتهى إلى تعزيز النفوذ العسكري للجنوب وانهيار التزامات الشراكة. ونقل عن دبلوماسي سعودي قوله ساخرًا: “حاولنا تزويج نمر بسمكة قرش، فبقي النمر على اليابسة وعادت السمكة إلى الماء”.
كما أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي عام 2022 لم يحقق أي نتائج ملموسة. فالأعضاء يقيمون غالبًا في المنفى بالرياض، بعيدًا عن الداخل اليمني، والحكومات المتعاقبة لم تقدم أي تحسن أمني أو اقتصادي، بل تحولت إلى كيانات معزولة تعمل بدوافع فئوية ومناطقية.
وأوضح كوركودينوف أن الحوثيين يسيطرون على الشمال بما فيه صنعاء، فيما يخضع الجنوب لسلطة سياسية وعسكرية شبه كاملة من المجلس الانتقالي الجنوبي. وقال إن هذا الواقع يؤكد أن لا صيغة لتعايش سياسي ناجح بين الشطرين، إذ تتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتغيب النخب السياسية عن المشهد.
وأضاف أن التدخلات الإقليمية لم تزد الأوضاع إلا تعقيدًا، حيث تسعى السعودية والإمارات إلى تحقيق مصالح متباينة. فالرياض تعتبر الحوثيين ذراعًا لإيران وتسعى لمواجهتهم، بينما تركز أبوظبي على ترسيخ نفوذها في الجنوب وعدن وسقطرى عبر قوات محلية ودعم مباشر للمجلس الانتقالي. كما أن موقف الإمارات المعادي لجماعة الإخوان دفعها إلى تهميش حزب الإصلاح والتحالف مع ميليشيات سلفية متعددة، وهو ما أدى إلى مزيد من تفتيت سلطة الحكومة الشرعية.










