صرح المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، بأن الوسطاء الأمريكيين والسعوديين اقترحوا مدينة جدة السعودية مكانا للمفاوضات بين الأطراف السودانية المتنازعة.
وقال العميد عبد الله ردا على سؤال حول مكان الاجتماع بين ممثلي طرفي الصراع في السودان إن “وسطاء سعوديين أمريكيين حددوا جدة ولكن لم يتم الاتفاق حتى الآن على ذلك”.
وبحسب المتحدث باسم الجيش السوداني، في الاجتماع (بين النواب) “من وجهة نظر الجيش، ستبحث فقط الجوانب الإنسانية والهدنة، لكن هذه لن تكون هناك مفاوضات (سياسية)”.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة خارجية جنوب السودان، أن رئيس القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، وافقا من حيث المبدأ على هدنة لمدة سبعة أيام من 4 إلى 11 مايو.
وقال البيان أيضا إن البرهان ودقلو اتفقا على تسمية ممثليهما لبدء المفاوضات.
وأعلن جنوب السودان اليوم الثلاثاء اتفاق الطرفين المتناحرين في السودان على وقف لإطلاق النار لسبعة أيام اعتبارا من يوم الخميس المقبل رغم أن زيادة الضربات الجوية وإطلاق النار في منطقة الخرطوم تقوض الهدنة الحالية.
ولم تصمد اتفاقات سابقة بوقف إطلاق النار لمدد بين 24 و72 ساعة في الصراع الذي اندلع في منتصف أبريل نيسان بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت وزارة خارجية جنوب السودان في بيان إن جهود وساطة قادها الرئيس سلفا كير أفضت إلى اتفاق بين طرفي الصراع على هدنة لفترة أطول وتعيين ممثلين في محادثات سلام. ويسري الاتفاق الأحدث بدءا من الرابع من مايو أيار الجاري حتى 11 من الشهر نفسه.
ولم يتضح حتى الآن مدى تماسك هذا الاتفاق بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو.
وأفاد شهود اليوم الثلاثاء بشن المزيد من الضربات الجوية على مدينتي أم درمان وبحري.
وذكرت قناة “الجزيرة” أن طائرات الجيش السوداني استهدفت مواقع قوات الدعم السريع وأنه أمكن سماع دوي نيران مضادة للطائرات من الخرطوم.
وقصفت طائرات الجيش وحدات الدعم السريع داخل الأحياء السكنية بمنطقة العاصمة. وربما يمتد الصراع أيضا إلى منطقة دارفور بغرب السودان حيث انبثقت قوات الدعم السريع من ميليشيات قبلية قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لسحق معارضين في حرب أهلية طاحنة قبل 20 عاما.
ولا يُظهر قائدا الجيش وقوات الدعم السريع أي مؤشر على التراجع، ومع ذلك فإنهما ليسا قادرين على تحقيق نصر سريع فيما يبدو.
وتقاسم الطرفان السلطة في السابق في إطار عملية انتقال بدعم دولي نحو انتخابات حرة وحكومة مدنية.
ربما يؤدي صراع طويل الأمد إلى جذب قوى خارجية.
وقالت الأمم المتحدة إن القتال في منطقة الخرطوم دخل أسبوعه الثالث وأدى إلى مقتل المئات. وأضافت أن القتال يتسبب في أزمة إنسانية مع اضطرار نحو 100 ألف إلى الفرار عبر الحدود إلى دول مجاورة في ظل شح الطعام والمياه.
وتوقفت شحنات المساعدات في بلد كان يعتمد نحو ثلث سكانه بالفعل على المساعدات الخارجية. وينذر الصراع كذلك بكارثة أوسع نطاقا في وقت تتعامل فيه دول الجوار الفقيرة مع أزمة تدفق لاجئين.
وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقابلة مع صحيفة يابانية اليوم الثلاثاء من أن المنطقة بأسرها قد تتأثر. جاء ذلك في وقت التقى فيه مبعوث قائد الجيش السوداني مع مسؤولين مصريين في القاهرة اليوم.
وذكر برنامج الأغذية العالمي أمس الاثنين أنه سيستأنف العمل في الأجزاء الأكثر أمانا في السودان بعد تعليق العمليات مؤقتا في وقت سابق من الصراع الذي قُتل فيه بعض موظفيه.
وقال مايكل دانفورد المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لشرق أفريقيا لرويترز إن بورتسودان، التي فر إليها الآلاف من الخرطوم سعيا للإجلاء من البلاد، هي نقطة دخول رئيسية للمساعدات بالنسبة للعديد من البلدان في المنطقة.
وعرضت كينيا استخدام مطاراتها ومهابط الطائرات بالقرب من الحدود مع جنوب السودان ضمن جهد إنساني دولي.
* وضع كارثي
ما زالت إمدادات المساعدات التابعة لوكالات إغاثة أخرى والتي وصلت إلى بورتسودان تنتظر فتح ممر آمن إلى الخرطوم، وهي رحلة عن طريق البر تمتد لمسافة 800 كيلومتر تقريبا. ومع هذا، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها أوصلت بعض المساعدات إلى الخرطوم.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 330 ألف سوداني نزحوا داخليا بسبب الحرب.
وقال حسن محمد علي، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 55 عاما، خلال توقفه في عطبرة على بعد 350 كيلومترا شمال شرقي الخرطوم بينما كان في طريقه إلى الحدود المصرية، إن السودانيين فقدوا معظم مدخراتهم وانخفضت القوة الشرائية في البلد ولا توجد مصادر للدخل، مشيرا إلى أن هذا الوضع كارثي.
وأضاف أنهم عانوا من انقطاع الكهرباء والمياه كما توقف الأطفال عن الدراسة، واصفا الوضع في العاصمة بالجحيم.
وتحاول الأسر السودانية النازحة الخروج من البلاد، وشق البعض طريقهم سيرا على الأقدام تحت لهيب الشمس الحارقة عبر مناطق صحراوية، وقطعوا مئات الكيلومترات للوصول إلى حدود تشاد أو جنوب السودان.
وحذرت الأمم المتحدة من أن 800 ألف قد يغادرون في نهاية المطاف. وعبر أكثر من 40 ألفا الحدود إلى مصر خلال الأسبوعين الماضيين، لكن بعد انتظار لأيام في الحر الشديد ودفع مئات الدولارات لخوض رحلة طولها ألف كيلومتر شمالا من الخرطوم.
وقضت عائشة إبراهيم داود وأقاربها خمسة أيام في سيارة مستأجرة للانتقال من الخرطوم إلى بلدة وادي حلفا الشمالية حيث تكدس النساء والأطفال في مؤخرة شاحنة نقلتهم إلى طابور على الحدود المصرية.
وقالت عائشة لرويترز إن معاناتهم لم يسبق لها مثيل والوضع صعب جدا وإنهم يعانون من الكثير من البيروقراطية للدخول إلى مصر.