في كل المنعطفات التي خاضها اليمن ظل يدفع الثمن المرير باستمرار على حساب استقراره وتطوره وتقدمه ، وذلك لأن القوى الواهمة بتحقيقها النصر كانت دوما تقمع خصومها وتستخدم القوة في محاولة حفاظها على البقاء ، كان سفك الدماء والاقصاء والتهميش الخ السلوك الحاضر فيما كان المفترض معالجة المشاكل والقضايا بلغة الحوار واعطاء المكانة والقيمة لكل القوى .. ونتيجة لتكرار هذا الأسلوب ظل اليمن يتنقل من حرب إلى أخرى ويشغل كل جهوده فيها .
اليوم ونتيجة صراعات الماضي وصل البلاد إلى وضع متدني وهش لم يعد قادرا فيه على الاستقرار ولو بأقل تقدير ، فقد اجتمعت كل مشاكل الماضي في ذات الوقت ، وذهبت النخب إلى شحن قواعدها بأفكار التمزيق والانقسام تحت مسميات المظلومية والمناطقية ورمي مسؤولية الأخطاء على الاخر ، ومع استمرار مثل هذة الحماقات فإن البلاد يذهب نحو الاسوء ولا يمكن ايقاف عجلة التدهور الموجودة إلا بالعودة للعقل والحكمة .
ان القضية الجنوبية هي المظلة التي يستظل تحتها كل الجنوب كونها قضية شعب بأكمله ولا تختص بجغرافيا معينة أو فئة محددة ، وباعتقادي بأن الأغلبية ستتفق على ضرورة الانتصار للقضية الجنوبية والتخلص من هيمنة قوى الشمال ، ولكن هناك ثلاثة مسارات على الجنوبيين خوضها بتنظيم ومصداقية وهي ما كالتالي :
اولا : تنظيم العلاقات الجنوبية – الجنوبية بعيدا عن الأقصاء والتخوين ومصادرة الحقوق السياسية والاقتصادية لاي قوة مهما بلغ مستواها وتأثيرها ، ف الجنوب بحاجة ماسة لكل أبناءه متحدين حتى نتمكن من تجاوز الانقسامات التى تؤدي إلى الضعف وسهولة القضاء على القضية الجنوبية .
ثانيا : تنظيم العلاقات الجنوبية – الشمالية ، ف الجنوب بقدر ما يحتاج إلى ترتيب البيت الداخلي فهو بحاجة إلى إنشاء تحالفات مع القوى الشمالية التي يمكن الاتفاق معها ولو نسبيا ، وبدلا من حشد الشمال كله ضد الجنوب يفترض أن نحاول تخفيف حجم الخصومة ومساعدة المناطق الوسطى للحصول على حقوقها والتخلص من هيمنة شمال الشمال .
ثالثا : تنظيم العلاقات الجنوبية – الخليجية ، فالجميع يعلم بأن اليمن لا يمكنه تجاوز أو تجاهل دور الاقليم في رسم مستقبله ، بل حتى أنه قد أصبح الاقليم هو المتحكم المباشر بالداخل اليمني ، وهذا بفضل ضعف اليمنيين أنفسهم وفي ظل هذه الوضع لا يمكن خلق أي خلاف مع دول التحالف وعلى رأسها السعودية ، ولذلك يفترض أن يتم إدارة العلاقات ب دبلوماسية عالية .
في الختام أن كل مسار من المسارات السابقة يوثر على المسار الآخر ، ولا يمكن الوصل إلى نتيجة إلا بالعمل على الثلاثة معا ، وهذا ما يحتاج جهد كبير وحنكة وشجاعة يجب أن تمتلكها النخب المؤثرة والمتصدرة المشهد .