الصدارة سكاي: قسم الرصد والتحليل
تشهد جبهات محافظات الضالع مع مليشيات الحوثي حالة من الحرب والسلم كعادتها منذ سنوات، واللاحرب واللاسلم، منذ ثلاثة أعوام تقريبًا، ومع أن حرب اليمن شبه متوقفة وتشهد “هدنة معلنة” برعاية أممية منذ سنة تقريبًا، لكن جبهة الضالع ظلت استثناءً ما إن تهدأ حتى تشتعل من جديد، ولا ينفك الحوثيون عن استغلال أي فرصة لتحقيق تقدم عسكري، أو تسجيل خسائر في صفوف القوات الجنوبية، وبالرغم من خسارتهم في تسجيل أي نصر معنوي يرفع من معنويات أفرادهم على طول جبهات الضالع وباءت جميع محاولاتهم بالفشل، وأكثر من هذا لا تمر أي محاولة اختراق حوثية على طول الجبهة دونما تسجيل خسائر فادحة في العتاد والأرواح في صفوفهم؛ إلا أن الحوثيون لا يتوانون عن محاولات تنفيذ هجمات متكررة للتقدم صوب المناطق القريبة من حدود الضالع.
محاولات متكررة للتقدم بعززها دوافع الثأر من المحافظة
في 25 مايو من العام 2015 تعالت أصوات التكبيرات، وغطت سماء الضالع الألعاب النارية، بعدما شنت فصائل المقاومة الجنوبية هجومًا على مختلف المحاور، تمكنت فيه خلال ساعات، من اقتحام مواقع الحوثيين، وتحرير المحافظة من قبضتهم كأول محافظة تتحرر من سيطرة الحوثيين وقوات صالح.
مثل تحرير الضالع انتصارًا كبيرًا وأملًا لتحرير باقي محافظات الجنوب من سطوة الحوثيين وهو الأمر الذي تم، حيث خرجت مناطق ومحافظات الجنوب تباعًا من سيطرتهم بعد مقاومة شديدة من أبناء الجنوب بمساندة قوات التحالف العربي.
وبقدر ما أثار انتصار الضالع بارقة أمل وفرحةعارمة للجنوبيين كأول محافظة تتطهر من مليشيات الحوثي، كان هذا الانتصار بداية الهزائم لمليشات الحوثي، التي لم تخفِ نقمتها من المحافظة وأبنائها، حيث خاضت حربًا أخرى للثأر منهم.
بعد أربعة أعوام من هذا الحدث وبالتحديد مطلع شهر أبريل من العام 2019 ، حشد الحوثيون قوات كبيرة إلى بعض المديريات التابعة لمحافظة إب الشمالية، والتي أُلحقت إداريًا بالضالع، بعد حرب اجتياح الجنوب، في العام 1994، واستقدم الحوثيون تعزيزات ضخمة وغير مسبوقة، مصحوبة بتعبئة معنوية ودعوات للجهاد والتطوع له، مع ضخ إعلامي غير مسبوق لترسيخ أهمية ومصيرية هذه المعركة التي أطلقوا لها اسم “معركة النفس الطويل” في إشارة للتخطيط المسبق لاعتماد أسلوب الاستنزاف، ولأول مرة أطلقت منابر العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات، صيحات منادية بالجهاد والحشد، في محاولة لاجتياح الضالع وانطلقت المعركة التي كانت تبث قناة المسيرة التابعة للحوثيين، بداياتها برامج مكثفة مباشرة وغير مباشرة لتغطية أحداث المعركة، على اعتبار أنها محسومة وما هي إلا أيام حتى تسقط المحافظة بأيديهم.
اعتمد الحوثيون أسلوبًا جديدًا في حربهم يختلف عن أسلوبهم في العام 2015م، متجنبين محاولات الدخول من الخط الدولي الرابط بين المحافظة ومحافظة إب الشمالية، وتعمدوا فتح جبهة كبيرة تمتد لعدة كيلو مترات، بعد هجوم كبير استمر قرابة أسبوعين، بشكل متواصل، معززا بحشود هائلة، وأسلحة ثقيلة، بدعم وإسناد من مشايخ قبليين في المناطق المحيطة بالضالع، وفي غياب إسناد الطيران، وأسلحة خفيفة وذخائر قليلة بيد المقاومة، تمكن الحوثيون من التقدم في بعض مناطق حجر وقعطبة، وما هي إلا أسابيع قليلة حتى تم طرد الحوثيين إلى معاقلهم السابقة، وتحول هجومهم إلى انتكاسة كبيرة خسروا فيها الكثير من القادة والأفراد والعتاد، وانقلبت دعوات الجهاد في المنابر إلى صلوات جنائز .
استهداف للمدنيين