الصــدارة سكــــاي: خاص
أثار التوتر الأخير الذي حدث يوم أمس في معاشيق بين نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أبو زرعة المحرمي، ورئيس الحكومة معين عبدالملك – بعد يوم من عودة الأخير إلى المجمع الرئاسي في معاشيق عقب غياب خارج البلاد استمر لأشهر – أثار ذلك الكثير من علامات الاستفهام عن حجم الخلاف داخل مجلس القيادة الرئاسي، حول بقاء معين عبدالملك في منصبه الذي يشغله منذ سنوات، ومعها تزايدت علامات الاستفهام حول الجهة التي يستند عليها الرجل في بقائه بمنصبه.
أما أحاديث فضائح الفساد في اليمن فتكاد لا تتوقف ولا تنتهي، بل وتتزايد يومًا بعد آخر، وتتكشف حيثياتها لتفصح عن حقائق جديدة، ومع كل فضيحة فساد من العيار الثقيل تتجه أصابع الاتهام، معززة بأدلة ووثائق أحيانًا، لتؤكد بعضها أو جميعها ضلوع رئيس الحكومة معين عبدالملك وتورطه بشكل مباشر في توقيعها، وصياغة تفاصيلها.
من ملف الكهرباء، إلى ملف النفط، والاتصالات، إلى الدعم الخارجي، والودائع المالية الأجنبية، مرورًا بفحص الوقود الداخل للبلاد، وليس انتهاءً عند مناقصات إعادة تأهيل كليات تعليمية حكومية، أو طباعة نسخة من الكتب المدرسية.
ومع كل هذا يتعامل الرجل مع كل فضيحة فساد بكل برود، وثقة في البقاء رغمًا عن الجميع، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول مصدر الثقة والقوة التي يستند إليها معين.
وبالرغم من كل ما تثيره فضائح الفساد من ضجيج إعلامي، وغضب شعبي وحتى تصريحات رسمية غاضبة – من قبل مسؤولين كبار في الدولة – وجميعها ناقمة من رئيس الحكومة ونهجه في إدارة شؤون البلاد إلا أن الرجل بقي في منصبه ثابتًا لا يتزحزح، وكلما تزايدت وتيرة المطالبات الرسمية وعلت الأصوات الشعبية المنادية بإقالته، كلما ازدادت أقدامه رسوخًا في منصبه وشرع الرجل في نسج تحالفات خارجية وداخلية، ومعها يشرع في عقد صفقات أخرى لا تسلم من الانتقادات ولا تخلو من الاعتقاد الجازم للبعض بوجود شبهات فساد فيها.
انتقادات على أعلى مستوى
لا يواجه معين عبدالملك غضب وسخط شعبي وحسب، ولا تنحصر الاتهامات بفساد رئيس الحكومة، على ناشطي التواصل الإجتماعي وحسب، بل يتجاوز الأمر إلى انتقاد أدائه من قبل مسؤولين بارزين في الدولة، وحتى في مجلس القيادة الرئاسي نفسه، حيث عبر اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، نائب رئيس المجلس، مرارًا على فشل الحكومة ورئيسها في إدارة الملف الاقتصادي وغيره من الملفات، لكن أبرز التهم والانتقادات كانت تلك التي أطلقها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عبدالرحمن المحرمي، الذي اتهم رئيس الحكومة بأنه “يعمل بلا حس وطني وهو كثير الكلام قليل الإنتاج”.
هذا التصريح الواضح كان تعبيرًا عن مدى السخط من أداء رئيس الحكومة، ومدى الرغبة داخل مجلس القيادة في استبداله، وهو التصريح الذي حرص فيه المحرمي على التأكيد على تورط رئيس الحكومة، في العبث بالمال العام، وعدم مراعاة و ضع الشعب، حيث أضاف المحرمي في تصريحه بأنه “لو كان رئيس الحكومة جادًا في تنفيذ ما يطلب منه لكان الوضع أفضل بكثير”.
وتابع المحرمي في تصريحه بأن “هناك أشياء ممكن القيام بها ومتاحة ولم يقم بها رئيس الحكومة، وكأنه ليس مسؤولاً عن الأوضاع، ولا نشعر أنه يريد أن يحقق أي إنجاز ولو على مستوى الأشياء الممكنة المطلوبة منه”.
وأكد المحرمي في تصريحه بأن “هناك حقائق كثيرة تدين الدكتور معين على إخلاله بالوظيفة العامة وتفريطه في كثير من الأمور، وتأخير الكثير من الإصلاحات وعدم العمل على ترشيد المال العام ومراعاة وضع الشعب”.
تصريح المحرمي لم يكن رأيًا شخصيًا للرجل عن أداء رئيس الحكومة، بقدر ما هو موقف المجلس الانتقالي، الذي يشغل المحرمي نائبًا لرئيسه، والذي يشغل أبرز ثلاثة من قادته، أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي، وكان المجلس قد أكد مرات عديدة، حتى على لسان رئيسه عضو مجلس القيادة، في أكثر من مناسبة على فشل الحكومة، وضرورة تغييرها.
الكشف عن فساد بملايين الدولارات وتحدي بنشر فضائح الفساد
وجه رجل الأعمال البارز أحمد العيسي، نائب مدير مكتب الرئاسة، وبشكل علني تهمًا عديدة لرئيس الحكومة معين عبدالملك، في مقابلة فضائية، متهمًا إياه بارتكاب مخالفات وعقد صفقات فساد في جانب الكهرباء والاتصالات والنفط وقضايا مالية أخرى.
واتهم العيسي في المقابلة التلفزيونية، رئيس الحكومة معين عبدالملك، بالتورط في صفقات فساد عديدة، على حساب الدولة ومقدرات الشعب ومعاناته، وحمّله مسؤولية ماوصلت إليه الأوضاع المؤسفة اليوم في “المناطق المحررة” .
وقال العيسي: أن معين عبدالملك قام بِرَهن قطاع الاتصالات السيادي لشركة خارجية مقابل 30٪ فقط من عوائدها للدولة، وكذلك بيع حقول نفطية لشركة أجنبية بدلًا عن شركة بترومسيلة الحكومية، مقابل حصوله على مليون دولار شهريًا منها، إضافة إلى منحه ضريبة كبار المكلفين إلى الحوثيين حيث ماتزال تدفع لهم في صنعاء حتى اليوم.
وتعهد العيسي حينها بنشر كل مالديه من ملفات فساد رئيس الحكومة الموثقة لإثبات حجم فساده وشرائه للولاءات وضرورة ازاحته كشرط رئيسي لنجاح اي إصلاحات اقتصادية، متهمًا معين عبدالملك بأنه يسعى لبيع كل موارد ومصادر الدخل القومي للبلد ولا تقدم اي خدمات أو التزامات تجاه الشعب المنكوب بكل الازمات والويلات.
أبرز التهم :
تلاحق معين عبدالملك الكثير من تهم الفساد، بعضها أتت من جهات رسمية وأخرى تم تداولها إعلاميًا ونشر وثائق تثبت صحتها.
ففي شهر يونيو من العام الجاري اصدر النائب العام توجيها بفتح تحقيق في الاتهامات الموجهة لرئيس حكومة المناصفة بالفساد واختلاس المال العام وبخاصة اموال مخصصات شراء وقود محطات توليد الكهرباء، والمتجاوزة مئات المليارات سنويا.
وقبلها شكل مجلس النواب اليمني، لجنة تحقيق بشأن اتهامات فساد لرئيس الحكومة، ووفقًا لنص القرار فإن تشكيل اللجنة يأتي على خلفية ما أُثير عن وجود مخالفات في جانب الكهرباء والاتصالات والنفط والقضايا المالية، التي أثارها العيسي، نائب مدير مكتب الرئاسة، وما تداولته وسائل الاعلام بشكل كبير.
وفي العام 2021 أصدر فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي حول اليمن، تقريره الذي اتهم فيه مجموعة شركات هائل سعيد أنعم بالإستحواذ على مايصل نسبته إلى 48 بالمائة من أموال الوديعة السعودية المقدمة إلى البنك المركزي اليمني عام 2018.
وذكر التقرير أن مجموعة هائل سعيد أنعم حصلت على 872.1 مليون دولار أمريكي من اجمالي الوديعة السعودية البالغ قيمتها 1.89 مليار دولار، بعدما وضعت موظفين سابقين لها في مناصب حكومية رئيسية، ووجهت أصابع الاتهام لرئيس الحكومة كأحد أبرز من ساهم في صفقة الفساد هذه، كونه على ارتباط وثيق بمجموعة هائل.
كما أثيرت الكثير من الاتهامات بشأن فساد الرجل، في مجال النفط والوديعة السعودية، والضرائب، والاتصالات، وحتى طباعة الكتب المدرسية لم يسلم من تهمة الفساد بعد تعاقد معين مع جهة خارجية لطباعته بدلًا عن مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي الحكومية، ولعل أبرز هذه الفضائح كانت فضيحة إدخال الوقود المغشوش إلى عدن، الذي كشف عن استعانة معين عبدالملك بشركة وهمية ” شركة سيبولت ” لاختبار الوقود دون ان يكون لها مختبرات فحص حقيقية في عدن و التي باسمها يتم صرف مئات الآلاف من الدولارات تحت مسمى فحص الوقود.