حل عالم فلك أسترالي لغزا عمره 100 عام يحيط بطبيعة بعض المجرات “المتغيرة الشكل”، وكشف في هذه العملية أن مجرتنا درب التبانة لم تكن دائما بمظهرها الحلزوني المعروف الآن. واستخدم عالم الفلك أليستر غراهام ملاحظات قديمة وجديدة لإظهار كيفية تطور المجرات من شكل إلى آخر، وهي عملية تُعرف باسم الانتواع المجرّي (Galaxy Speciation). وتظهر الدراسة أن التصادمات والاندماجات اللاحقة بين المجرات هي شكل من أشكال “الانتقاء الطبيعي” الذي يقود عملية التطور الكوني. وفي عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، أنشأ عالم الفلك إدوين هابل وآخرون سلسلة من تشريح المجرات المتنوع، تُعرف الآن باسم تسلسل هابل. ورغم أنها تفتقر إلى المسارات التطورية ولكنها ما تزال تستخدم على نطاق واسع لتصنيف المجرات بناء على مظهرها المرئي. ويمكن أن تحتوي المجرات على مليارات النجوم بشكل منظم وتتبع مدارات دائرية في قرص مزدحم أو تتنقل بشكل عشوائي في سرب كروي أو بيضاوي الشكل. ويمكن لهذه الأقراص أن تستضيف أنماطا لولبية، مع مثل هذه المجرات الحلزونية التي تحدد أحد طرفي تسلسل هابل. وفي هذا التسلسل، تعد المجرات على عدسية الشكل، والمعروفة باسم المجرات العدسية ذات البنية الكروية المركزية في قرص غير حلزوني، بمثابة جسر بين المجرات الحلزونية التي يهيمن عليها القرص مثل مجرتنا درب التبانة والمجرات ذات الشكل الإهليلجي مثل M87. وفي الدراسة الجديدة، حلل البروفيسور غراهام الصور البصرية من تلسكوب هابل الفضائي وصور الأشعة تحت الحمراء من تلسكوب سبيتزر الفضائي لـ 100 مجرة قريبة. ومن خلال مقارنة كتلة الثقب الأسود النجمي والمركزي، اكتشف نوعين من المجرات العدسية: مجرة قديمة وفقيرة بالغبار ومجرة صغيرة غنية بالغبار. ونشأت المجرات العدسية الغنية بالغبار من اندماج المجرات الحلزونية. وتميزت المجرات الحلزونية بوجود حوصلة مجرة بوسطها بالإضافة إلى قرص يحتوي على أذرع لولبية من النجوم والغاز والغبار المتعرج من المركز أو الحوصلة. وتحتوي المجرات العدسية المتربة بشكل ملحوظ على أجسام كروية وثقوب سوداء أكثر بروزا من المجرات الحلزونية والمجرات العدسية التي تفتقر إلى الغبار. وفي تحول للأحداث، أظهر بحث البروفيسور غراهام أن المجرات الحلزونية تتواجد في منتصف الطريق بين نوعي المجرات عدسية الشكل. وعندما تتراكم المجرات الفقيرة بالغبار الغاز والغبار ومواد أخرى، فإن القرص الذي يحيط بالمنطقة الوسطى يتم تعطيله، ما يخلق نمطا حلزونيا يتوهج من المركز. وينتج عن ذلك أذرع لولبية، وهي مناطق دوارة شديدة الكثافة تخلق تكتلات غازية أثناء دورانها، ما يؤدي إلى الانهيار وتشكيل النجوم. ومن ناحية أخرى، تتشكل المجرات العدسية الغنية بالغبار عندما تصطدم المجرات الحلزونية وتندمج. واستنتجت الدراسة أن المجرات الحلزونية مثل مجرة درب التبانة تقع في الواقع بين المجرات العدسية الغنية بالغبار والفقيرة للغبار في تسلسل هابل. وأوضح غراهام: “نرى الآن المسارات التطورية من خلال تسلسل عمليات الاستحواذ والاندماج بين المجرات” وتحتوي مجرة درب التبانة على العديد من المجرات التابعة الأصغر، مثل برج القوس وكوكبة الكلب الأكبر، ويكشف هيكلها عن تاريخ غني من عمليات الاستحواذ. ومن المحتمل أن مجرة درب التبانة كانت ذات يوم مجرة عدسية فقيرة بالغبار تراكمت فيها المواد، بما في ذلك مجرة السجق، ومع مرور الوقت تطورت إلى المجرة الحلزونية التي نعيش في رحابها اليوم.