خارج دائرة استيلاد الحروب وصناعة أسباب بقاء الحرب مستعرة، لا مجال لبقاء الحوثي مهيمناّ على كل خارطة الشمال، باستثناء بعض الجيوب هنا وهناك، وهي مناطق تعتبر محيدة أو ساقطة نيرانياً.
لا جدية في التعاطي مع الحوثي كخطر مميت، لا من الإقليم ولا حتى من المجتمع الدولي، حيث أبواب التواصل معه مفتوحة على مصراعيها، وقنوات الحوار مشرعة والتعاطي معه كجماعة سياسية لا إرهابية أو ظاهرة مليشاوية انقلابية، ماضية على قدم وساق.
حوارات مع الرياض وتبادل الزيارات المعلنة والسرية بينهما، تكسر العزلة من حول الحوثي وتفرغ قرار تصنيفه كجماعة إرهابية من قوة التأثير، وتجعل من هذا التوصيف بلا معنى.
وعلى الضد مما ينبغي أن يكون، أي إضعاف الحوثي، هناك إضعاف ممنهج للسلطة الشرعية، وتجريدها من ممكنات الاستعداد لخوض المواجهة المسلحة، عبر نزع قرار الحرب من يدها وعدم الانفتاح جدياً على تسليحها، بصورة تكسر الخلل بميزان القوى، وتضيق الخيارات أمام الغطرسة الحوثية وتسقط من يده أوهام القوة، وتجعل السلام المتوازن الذي لا يلغي أياً من الأطراف، هو المتاح الوحيد كآلية ملزمة لطي ملف الحرب في اليمن.
الإدارة الأمريكية الديمقراطية لم تحسم قرار المواجهة الصفرية مع الحوثي، هي تضربه بقاعدة ردع رخوة لا تجفف قدراته العسكرية، ولا تُحكِم الحصار الصارم على شبكات تهريب السلاح النوعي، وتعويض بدل الفاقد، لتبقى بنيته التحتية العسكرية خارج الاستهداف بقرار سياسي أمريكي.
الحوثي لا يمكن عقلنة تهوره إلا عبر خيارين: السلام العادل دون ترجيح كفته، والاستعداد للحرب والحسم المسلح كخيار بديل، أو بالاثنين: الاحتواء بالسلام والاستعداد للحرب في آن معاً، وهو ما لم يحدث على الأرض، وكأن الحوثي حاجة أمريكية.
من غير توحيد المواقف الداخلية للمكونات السياسية العسكرية، ومن غير وضع خارطة تسليح للشرعية، موازية لخارطة الطريق ومسودة الحل، يبقى لا معنى لشعار تحقيق السلام سلماً أو حرباً، في وضع مختل وميزان قوى منحاز بتواطؤ لطرف الحوثي، جراء التعامل الإقليمي الدولي غير العادل تجاه تسليح الأطراف المناهضة له، شرعية ومكونات مسلحة.
الحوثي سيسقطه وحدة الداخل، وسلام بجاهزية عسكرية قصوى تستطيع وقت الضرورة أن ترفع في وجهه البندقية.