بعد مرور عشر سنوات من انتهاء حرب 2015م ضد ميليشيات الحوثي، وفي ضوء المتغيرات التي شهدتها المحافظات المحررة والجنوبية تحديداً، يتضح أن معاناة المواطنين لم تكن نتيجة لمؤامرات خارجية بقدر ما هي انعكاس لفشل داخلي في إدارة شؤون الدولة،رغم الدعم الذي قدَّمه التحالف العربي عبر إجراءات مثل تخصيص رواتب شهرية للجيش ودعم مختلف القطاعات، كانت النتيجة إساءة إدارة تلك الموارد وفشل داخلي في استثمارها بفعالية.
حين قدمت الحكومة بيانات الجيش إلى التحالف العربي في العام 2016، وتم اعتماد رواتب تصل إلى 3500 ريال سعودي للعميد و1000 ريال سعودي للجندي، على أساس تم رفع عدد الجيش والمقاومة إلى 120 ألف، كان من المفترض أن تكون هذه خطوة نحو تحسين أوضاع الجنود وضمان استقرار صرف مرتبات القوات المسلحة،إلا أن الفساد المستشري وسوء الإدارة حوّلا هذا الدعم إلى مجرد أداة أخرى لاستغلال السلطة وتوسيع شبكات الفساد في مختلف مؤسسات الدولة.
السؤال هنا ليس أين التحالف العربي من كل ذلك، بل أين قيادتنا المحلية؟ لماذا لم تتخذ موقفًا حازمًا ضد هذا الفساد؟ ولماذا لم تظهر كفاءة في إدارة تلك الموارد؟ على الرغم من علمنا بأن عدد الجنود والمقاومة قد ازداد لاحقًا، لماذا لم يتم رفع كشف بذلك العدد؟ وإذا تم الرفع، لماذا لم يتم اعتماد هذا العدد من قِبل التحالف؟ ولماذا أيضًا اقترح بن دغر أثناء توليه الحكومة تحويل الألف السعودي إلى ما يعادله بالريال اليمني، في وقت كان فيه سعر الصرف 60 ألف ريال مقابل الألف السعودي، ومن ثم بدأ انهيار العملة بطريقة ممنهجة ليصل سعر الصرف إلى 130 ألف مقابل السعودي؟ فلماذا؟
الحقيقة المؤلمة هي أن القيادة التي تدير المشهد السياسي والإداري في المحافظات المحررة، وخصوصاً الجنوبية، هي السبب الرئيسي فيما نحن عليه اليوم،لقد أصبح واضحًا أن المسؤولية تقع أولاً على تلك الفئة التي تتحكم في مصيرنا، التغيير لن يأتي من الخارج، بل يبدأ من الداخل،إذا كنا نريد مستقبلًا أفضل لأبنائنا وبلادنا، علينا أن نواجه الحقائق ونتحمل مسؤولياتنا.
بعض القيادات الشريفة تسعى فعلاً إلى الإصلاح وتطوير المؤسسات، لكنها تقف في وجه تيارات الفساد المنتشرة، وهي بحاجة إلى دعم المواطنين والقيادات النظيفة،السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لم يتخذوا موقفًا واضحًا ضد الفساد؟ وأين دورهم في حماية مصالح الوطن والمواطنين؟
وأخيرًا، علينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا، وأن نكون قدوة في تحمل المسؤولية تجاه الوطن،التغيير الإيجابي يبدأ بخطوة واحدة، بلمسة صغيرة من المسؤولية الفردية التي تمهد الطريق للتغيير الشامل،فالسيل الكبير يبدأ بقطرة واحدة. اخيراً، لن يأتي التغيير إن لم نكن نحن مستعدين له،فلنتحرك جميعًا، ولنبدأ بتغيير واقعنا بأيدينا