تحركات إيران الأخيرة في الشرق الأوسط تثير الكثير من التساؤلات حول نواياها الحقيقية تجاه حلفائها استهداف قيادات “حزب الله”، وعلى رأسهم حسن نصر الله، يجعلنا نتساءل: هل باتت إيران على استعداد للتضحية بحليفها الأبرز ضمن صفقة أكبر مع الولايات المتحدة وإسرائيل؟ وإن كان ذلك صحيحًا، فما الثمن الذي يمكن أن تحصل عليه طهران مقابل ذلك؟ وهل هذه الخطوة تأتي كجزء من اتفاق خفي لتقاسم النفوذ في المنطقة؟
القيادي اللبناني محمد علي الحسيني، وفي مقابلة له مؤخرًا،على قناة العربية،أطلق تحذيرات واضحة لحسن نصر الله، مطالبًا إياه بكتابة وصيته تحسبًا لخيانة إيرانية محتملة،هذه التصريحات لم تكن مجرد تكهنات، بل قد تعكس حقيقة ما يجري خلف الكواليس في التحالفات الإقليمية والدولية،هناك من يعتقد أن إيران قد وجدت نفسها في موقع يسمح لها ببيع أقرب حلفائها، من أجل تحقيق مكاسب استراتيجية مع قوى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.
لكن لا يمكن الحديث عن إيران وحدها في هذا السياق، فهناك أيضًا روسيا والصين، حليفا إيران التقليديان،فهل يمكن أن يكون لديهما دور في هذه الصفقة؟ روسيا على وجه الخصوص، التي تمتلك مصالح كبيرة في المنطقة، قد تكون طرفًا في هذه التفاهمات،من الصعب الجزم بذلك، لكن التحالفات السياسية لا تعرف الثبات، وكل شيء وارد عندما يتعلق الأمر بالمصالح الجيوسياسية،يبدو أن هناك عملية إعادة ترتيب للنفوذ في الشرق الأوسط، قد تشمل التضحية بقيادات مثل نصر الله، لتحقيق أهداف أوسع.
بالرغم من كل ما يقال، يظل حسن نصر الله قائدًا عربيًا مؤثرًا في المعادلة الإقليمية، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا،هو جزء من تاريخ المقاومة ضد إسرائيل، ورغم ولائه العميق لإيران، فإن نصر الله يشكل تهديدًا مستمرًا للمخططات الإسرائيلية؛مقتل نصر الله، إذا تحقق، سيترك فراغًا كبيرًا في الساحة العربية، ربما مشابهًا لما حدث بعد إزاحة صدام حسين،نحن أمام قائد عربي قد لا يكون محبوبًا من الجميع، لكنه بالتأكيد يشكل رمزًا لمقاومة إسرائيل، وضربه سيتسبب في اهتزاز توازنات القوى في المنطقة.
من جهة أخرى، لا بد من النظر إلى العرب في ظل هذه التحولات الكبرى،لماذا تبقى الولايات المتحدة متحالفة بشكل دائم مع إسرائيل، في حين تبقى القوى العربية غارقة في خلافاتها؟ لقد استطاعت واشنطن اللعب على وتر الدين الإسلامي، الذي كان في يوم من الأيام محور وحدة العرب والمسلمين، ليصبح اليوم أداة للتفكك، شنة وشيعة..آلخ. لقد نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في استغلال تلك الخلافات لضمان تفكيك الجبهة العربية والإسلامية.
الأمة العربية اليوم تبدو وكأنها تسير بلا اتجاه واضح، حيث باتت رهينة للأطراف الخارجية التي تتلاعب بمصيرها،من المفترض أن يكون للعرب دورًا حاسمًا في مواجهة هذه التحديات، ولكنهم لا يزالون متفرقين، يلهثون خلف خلافات داخلية، بينما يتم إعادة ترتيب المنطقة وتقاسم النفوذ بين القوى الكبرى.
الأمر لا يتعلق بحسن نصر الله وحده، بل بما سيحدث للعرب جميعًا بعد أن يتم استهداف كل قائد عربي يشكل خطرًا على إسرائيل،نحن نرى أمام أعيننا كيف يتم التخلص من الرجال الشجعان الذين وقفوا ضد المشاريع الإسرائيلية، والمستقبل يبدو غامضًا إن استمرت هذه الاستراتيجية في حصد قادة المقاومة.
في الختام، يبقى التساؤل الكبير: كيف سيكون مصير العرب في هذه اللعبة الكبرى؟ متى سيدركون أن مستقبلهم في وحدتهم وتماسكهم، لا في استغلال خلافاتهم لصالح الآخرين؟ يبدو أن مصير الأمة العربية والإسلامية في مهب الريح، ما لم تستفق من غفوتها وتواجه الواقع بشجاعة وتضامن.