تشهد المنطقة العربية تطورات ملحوظة تعكس تحولًا في الاستراتيجيات الإقليمية والدولية. أبرز هذه التطورات هو ما يحدث خلف الكواليس بين إيران وحلفائها، وما يتكشف اليوم عن الدور الإيراني في استغلال حلفائه لتحقيق مصالحه الخاصة، حتى على حساب أمنهم ومستقبلهم.
قبل مقتل حسن نصر اللات بوقت قصير، أدلى المعمم اللبناني محمد علي الحسيني بتصريحات صادمة، مشيرًا إلى أن “إيران قد باعت نصر اللات”. قال الحسيني بوضوح: “من اشتراك باعك يا نصر اللات، اكتب وصيتك لأن أحلامك بدخول القدس خدعتك.” هذه الكلمات تحمل دلالات خطيرة، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في لبنان والمواجهة المتواصلة مع إسرائيل. كلام الحسيني جاء في توقيت حرج، وكأنه يعلن نهاية حقبة من الدعم الإيراني لحزب اللات.
في اليوم التالي، تعرض حزب اللات لضربة قوية باغتيال زعيمه حسن نصر اللات عبر قصف إسرائيلي استهدف مقر القيادة في ضاحية بيروت الجنوبية. هذا الهجوم أثار تساؤلات واسعة حول كيف استطاعت إسرائيل تحقيق هذه الضربة الجريئة، وما إذا كانت هناك صفقة سرية بين إيران وإسرائيل، بوساطة غربية، تخلت فيها إيران عن نصر اللات لتحقيق مصالحها الإقليمية.
لقد أوضحت الأحداث أن إيران تتعامل بمنطق المصالح البحتة، حيث تخلت عن حزب اللات وقياداته لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية. على مر السنوات، استغلت إيران القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة لتكريس نفوذها الإقليمي، لكنها الآن تظهر استعدادًا للتخلي عن حلفائها عندما ترى أن الوقت مناسب لجني ثمار تحالفاتها السابقة مع الغرب وإسرائيل.
كما باعت إيران حزب اللات، هناك مؤشرات على أنها قد تتخلى عن الحوثيين في اليمن في المستقبل القريب. فمع التحولات الجيوسياسية في المنطقة، يبدو أن الدور القادم سيكون على عبد الملك الحوثي وجماعته، حيث قد تجد إيران نفسها مضطرة لتقديمهم كجزء من صفقة جديدة تضمن مصالحها مع القوى العالمية.
ختاما:
التطورات الأخيرة تدفعنا إلى إعادة التفكير في طبيعة التحالفات الإقليمية. يبدو أن الحلفاء الذين اعتقدوا أن ولاءهم لإيران هو حصانتهم، قد يكونون في خطر أكبر مما كانوا يتصورون. لعبة المصالح التي تجيدها إيران قد تضع المزيد من حلفائها في مواجهة مصير مشابه لما حدث مع حسن نصر اللات، في ظل السعي الدائم لإيران نحو تحقيق أهدافها بأي ثمن.