خطبة خامنئي اليوم دعوة لتطييف الدم على مستوى الطائفة نفسها، أي أن الخطبة دعت أتباعها العرب وليس الإيرانيين لمواجهة جيش الاحتلال، وتأكيده على أن الحرب حتى وإن كانت على طريقة الذئاب المنفردة عمل يخدم المنطقة، وكأن إيران دمها لا يصلح كوقود للمعركة، نحن فقط من علينا أن نخوض حربها، ثم نقف بعدها لنحصي نكباتنا ونعد قتلانا، في عملية حسابية يدخل فيها المرشد بالأرباح ويخرج من الخسائر.
عقلية الوصاية على مقدرات شعوبنا نهج أصيل في السياسة الرسمية الإيرانية، حد ذهاب عراقجي وزير خارجيتها إلى لبنان أمس، لإملاء محددات عمل السياسة اللبنانية الرسمية، والقول صراحة لرئيس الوزراء اللبناني ما يجب قبوله وما عليه أن يرفضه، وأن لا تسوية دون موافقة حزب الله، ولا تنفيذ لحل دون التمسك بوحدة الساحات، هكذا خاطب عراقجي رأس السلطة اللبنانية، بعجرفة لا تليق بوزير إيراني دولته ينكمش نفوذها، وتسير نحو حافة الهزيمة.
إسرائيل وهي تدمر معاقل قوة إيران وأذرعها التوسعية، تدرك جيداً أن إيران الحرس الثوري، ستعيد ترميم هذه الأجسام الطائفية بعد تدميرها، وستبقى الأذرع رأس رمح للتدخل في شؤون المنطقة، وأن الخيار الإسرائيلي الآخذ بالتبلور، هو بعد الإجهاز على الوكلاء التوجه إلى مصدر صناعة القرار وغرفة إدارة الحرب في طهران، ربما على ساعة المخطط الإسرائيلي الوقت الآن غير ملائم قليلاً، بانتظار نتائج انتخابات الولايات المتحدة، وعين حسابات تل أبيب ونتنياهو، على صعود ترامب للبيت الأبيض، وجلوسه على كرسي الرئاسة، حينها سيتوافق الرجلان على خوض ضد إيران، معركة كسر عظم وإخراجها من معادلات الإقليم.
السعودية ستعود إلى إرثها القديم أي ما ترفضه علناً تقبله من تحت الطاولة.
لا نقاش حول الحوثي ولا مجال لتسويق نظريات المؤامرة، حُسِم أمره ولم يعد مفيداً لخدمة مصالح أي أحد، طالما تخطى أهم الخطوط الحمر وهو الوصول بمقذوفاته لإسرائيل وتهديد كارتيلات النفط والتجارة الدولية، وإن قرار دول ما تعرف بالاعتدال العربي هو التسليم بأن المنطقة من دون مليشيات الطوائف ستكون أكثر استقراراً وأفضل.
قُضي أمر الحوثي بقرار دولي، وبقي السؤال يدور حول جاهزية الشرعية والمكونات الأُخرى، لملء فراغ ما بعد الحوثي وإمساك الأرض.