أصدرت الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني اليوم الأحد، بيانًا بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لثورة 14 أكتوبر المجيدة، التي كانت تتويجًا لمسيرة النضال التحرري للشعب اليمني ضد الاستعمار البريطاني. وأكد البيان أن هذه الثورة الخالدة مثلت لحظة تاريخية فارقة في حياة اليمنيين، حيث وضعت حدًا لقرون من الاستبداد والتشرذم، وفتحت آفاقًا واسعة لبناء الدولة الوطنية المستقلة التي أحرزت استقلالها في 30 نوفمبر 1967.
وأوضح البيان أن ثورة 14 أكتوبر كانت رمزًا للوحدة والتحرر، إذ وحدت 23 سلطنة وإمارة ومشيخة في جنوب اليمن لصالح مشروع الدولة الوطنية، وأرست أسس دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي ركزت على تنمية الإنسان وحققت المساواة بين كافة فئات الشعب دون تمييز، وخاصة في مجالات التعليم، الصحة، وتمكين المرأة.
وتطرق البيان إلى التحديات التي يواجهها الشعب اليمني اليوم، مشيرًا إلى الأزمة الاقتصادية المستفحلة التي تفاقمت بسبب الحرب وتدهور العملة المحلية، ما ألقى بظلال قاتمة على الوضع المعيشي. وأشار إلى أن شريحة المعلمين، شمالًا وجنوبًا، تعيش أوضاعًا مأساوية نتيجة التدهور الاقتصادي، مما يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة لإصلاح الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ودعا البيان الحكومة إلى حوكمة السياسات الاقتصادية، ومواجهة التحديات بجدية، مشددًا على ضرورة تعاون القوى السياسية ومجلس القيادة الرئاسي لتجاوز الخلافات ووضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات سياسية آنية. كما حذر الحزب من خطورة تعطيل مؤسسات الدولة وعدم تنفيذ اتفاق الرياض الذي لا يزال يحمل في طياته إمكانيات لتحقيق الاستقرار.
وأكد الحزب على ضرورة معالجة الأوضاع الأمنية في المحافظات الجنوبية مثل أبين وحضرموت وعدن ومأرب، والاستجابة لمطالب المواطنين العادلة قبل تفاقم الأوضاع، كما طالب بمكافحة التهريب والفساد، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية والقضائية لحماية ثروات البلاد ومقدراتها.
وفي ختام البيان، أكد الحزب الاشتراكي اليمني على أهمية الاسترشاد بقيم ثورة 14 أكتوبر في الدفاع عن حقوق الشعب اليمني في الحياة الكريمة، مشيرًا إلى أن ذاكرة الشعب عصية على الطمس والتزوير. وجدد الحزب تضامنه مع الشعبين الفلسطيني واللبناني في مقاومتهما للاحتلال الإسرائيلي، مترحمًا على أرواح شهدائهم.
نص البيان
نحتفي غدا بالذكرى الواحدة والستين لثورة الرابع عشر من اكتوبر الخالدة التي كانت تتويجا لمسيرة النضال التحرري التي خاضها شعبنا العظيم ضد الاستعمار البريطاني وأعوانه بقيادة الجبهة القومية وغروب 129 عاما من الاستبداد والاحتلال وقد عبرت الثورة عن ارادة الشعب التحررية ومثلت اللحظة التاريخية المشرقة والمعجزة الحقيقية في انتاج الدولة على انقاض ماض من التشظي،هذا اليوم الخالد الذي سطر فيه شعبنا ملحمة الحريةوصناعة التحول العظيم نحو الاستقلال المجيد المنجز في الثلاثين من نوفمبر من العام 67 واحدث تغييرا تقدميا عميقا وفي السياق غير وجه الحياة لدى الاجيال التي عاشت تحت ظلال الثورة على نحو شامل، بما في ذلك مشروع الدولة الذي انبثق للمرة الأولى كواحد من أهم تجليات النضال الوطني .
ان وجدان وضمائر الناس ما زالت تحتفظ بكل اعتزاز بهذه الثورة التي نقلت البلد من التخلف والجهل والاستبداد والسير بعكس التاريخ الى عصر التنوير والحداثة، وفتحت امامه آفاق التطور والتقدم والعيش الكريم وهزمت مشروع الكانتونات والتشرذم ووحدت ثلاثة وعشرين سلطنة وإمارة ومشيخة، ومستعمرة، لصالح مشروع الدولة الوطنية المستقلة، وشكلت خلاصة نضال الأحرار الذي لا ينتهي في وجه كل مشاريع العبودية والاستعمار وأحبطت الى الابد اي محاولة للاستقواء بانتماءات فئويةاو مناطقية وأنه دون الحديث عن ثورة أكتوبر، لا يمكن ان تكتمل قيمة لأي مشروع وطني من أي نوع كان .
ان حزبنا الاشتراكي اليمني الذي تتزامن ذكرى تأسيسه مع ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر ليفخر عاليا انه كان أداة الثورة في تحقيق اهدافها وإرساء مداميك دولتها الوطنية في جنوب الوطن، ‘جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ‘،دولة النظام والقانون، التي أرست نموذجا تنمويا منحازا للطبقات الشعبية، وركزت على بناء الإنسان باعتباره محور التنمية وغايتها، وحققت المساواة بين كافة المواطنين، بغض النظر عن اللون أو الجنس أو النوع أو المنطقة أو الانتماء أو المذهب أو المكانة الاجتماعية، كما وضعت دولة اليمن الديمقراطي في مصاف المناطق الاكثر تمكينا للنساء، فضلا عن النجاح العظيم في مجال محو الأمية، والقضاء على الأمراض المستوطنة، والتفوق في مجالات الاعلام، والرياضة، والثقافة، والفن، والعمل النقابي المؤثر،كما قدمت الدولة الفتية في واحدة من أبرز تجليات الانجاز، مجانية التطبيب ومجانية التعليم أمام كل أبناء الشعب لينعكس ذلك إيجابا بدرجة اولى أمام تعليم المرأة التي تحررت من دوائر الاستبعاد إلى دائرة التمكين والتمتع الكامل بحقوقها الإنسانية، والقانونية، بما في ذلك التحاقها المبكر في مجال القضاء، والقوات المسلحة والامن وبعيدا عن اي عثرات، حري بنا ان نتعلم من الوجه المشرق لعهد أكتوبر معنى أن يكون القانون فوق الجميع، ودولة تحتكر السلاح وتكافح الثارات، والنزاعات القبلية، وتقف بمسؤولية امام قضايا السيادة الوطنية التي لم تفرط بها قيد أنملة .
وعندما نلتفت اليوم إلى مانحن عليه شتان بين الامس واليوم فيما يتعلق بتفاصيل الحياة المعيشية اليومية للشعب في كل أرجاء الوطن نجده محاصرا بين انتشار الجوع بين صفوف الطبقات الشعبية وانعدام الامن والاضطرابات السياسية لدى النخب الحاكمة لأسباب في معظمها ذاتية وقائمة على سوء التقدير والافتقار للحس السليم وهذا مايبدو جليا في الحقائق البائسة نذكر هنا بعضها منها:-
ان استمرار الانهيار والتدهور في قيمة العملة المحلية يلقي بظلاله القاتمة على الوضع المعيشي للمواطنين الواقعين تحت وطأة الغلاء الفاحش وتدني مستوى الدخل وتراجع القدرة الشرائية جراء ارتفاع الأسعار والتلاعب بها وتعاني شريحة المعلمين على السواء شمالا وجنوبا أوضاعا مأساوية حيث أدت الحرب إلى تدهور قطاع التعليم وتعرض المعلمين لازمات اقتصادية واجتماعية حادة مما يجعلهم عاجزين عن توفير الحد الادنى من متطلبات الحياة اليومية وفي هذا السياق تؤكد الامانة العامة على الآتي :
-مناط بالحكومة أن تبذل مزيدا من الجهود وتعمل على معالجة الملف الاقتصادي وحوكمة السياسات وهي مسلّمات لابد منها لانقاذ البلد من الانزلاق نحو النقطة الحرجة وتفادي انجرار ملايين من أفراد الشعب إلى بؤرة الجوع والفاقة وفي هذا الصدد كذلك لا بد من إحاطة الحكومة بمزيد من التعاون معها من قبل القوى السياسية ومجلس القيادة الرئاسي وتقليص مساحات الخلاف بتغليب المصلحة الوطنية بعيدا عن حسابات سياسية آنية خاصة من قبل اللاعبين الرئيسيين
-التحذير من مخاطر المساس باسس الشراكة و التوافق التي بموجبها تشكلت الحكومة و عدم تجاوز المرجعيات خاصة منها اتفاق الرياض الذي بموجبه تم تشكيل الحكومة ولا يزال لم يستنفد اتفاق الرياض أهدافه الرئيسية وطاقته لتدعيم اصطفاف الشرعية على اكثر من صعيد.
-التأكيد على ضرورة تجسيد الانسجام و التكامل في عمل الحكومة و التحذير من خطورة العمل على تعطيل مؤسسات الحكومة و اجهزتها التنفيذية و السعي لمصادرة الصلاحيات عليها على حساب اعضاء الحكومة والمؤسسات و تمكينهم من ممارسة صلاحياتهم وفقا للقانون .
-انهاء كل مظاهر الاختلال والتوترات في مناطق الشرعية ووضع حد لكل مظاهر الاضطربات خاصة في محافظة ابين و حضرموت و عدن ومأرب و باقي المناطق و ضرورة الاستجابة لمطالب المواطنين العادلة و ادراك خطورة التغافل عنها ما سيؤدي إلى استفحال تلك القضايا الساخنة و انكماش الناس في مطالبهم على مستويات مناطقية.
– يدعم حزبنا مطالب المواطنين في جميع المحافظات ونؤكد على ضرورة الاستجابة لمطالب الناس الفعلية وعدم الاستهانة بالوقت والعمل بجدية و بشكل عاجل للملمة الأوضاع بتلك المحافظات وحيث وقد بدأت تتخذ مسارات التفكيك والشتات ووضع الحلول التي تهدف إلى تحقيق الشراكة الوطنية ومكافحة جميع اشكال التهريب والفساد بشكل حقيقي وانجاز الاصلاحات اللازمة لضبط ايرادات الدولة و تفعيل اداء الاجهزة الامنية و القضائية واجهزة الرقابة و المحاسبة ومكافحة الفساد و حماية ثروة البلاد وتنظيم الدور الاجتماعي الى جانب الدولة في صون الثروة الوطنية وانهاء مظاهر نهب و تهريب الثروات الطبيعية و الاثار التاريخية .
-سرعة تقييم الاداء للمجلس الرئاسي والحكومة و قيادات السلطة المحلية والقيادات الامنية والعسكرية والبعثات الدبلوماسية و اعداد رؤية عاجلة للتعاطي مع متغيرات الاحداث على المستوى الاقليمي والدولي ووضع حد لحالة الارتباك في عملها و اختلال العلاقة بينهما .
ان الامانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني اذ تزجي التحية لشعبنا ولمناضلي الثورة بهذه المناسبة المجيدة فإنها تؤكد الأهمية الكبرى الاسترشاد بالقيم الكفاحية النبيلة التي حملتها ثورة 14 أكتوبر المستمرة والقادرة على الدفاع عن حق الشعب في الحياة الكريمة رغم حتف اولئك الذين يسيرون عكس سيرورة الحياة وأن تاريخ و حقائق الثورة يجب ان يؤخذ ممن صنعوها وفجروها وكانوا شهودا أمناء عليها، لا من أصحاب الأمزجة المتقلبة، وان ذاكرة الشعب ذاكرة تستعصي على الطمس والتزوير وفق أهواء ورغبات خصوم الوطن والتاريخ.
نجدد تضامننا مع الشعبين الفلسطيني واللبناني ونترحم على شهدائهم ونبجل كل مقاومة تواجه الاحتلال الاسرائيلي .