بكل تأكيد الجوع كافر ومدمر للقيم والأخلاق ولا يمكنك أن تعطيني شرحًا عن صواب مواقفك السياسية مهما كانت صادقة فلا يمكنني أن استوعب قولك فالجوع خلق لدينا نفسية لا تقبل إلا بما يزيد الرمق بعد أن تمتلأ أمعائي يمكنني أن أعود إلى صفات آدميتي أن أسمع ما حولي وأدرك ما يجري.
فهل يجهل السياسيون ذلك وهل بمقدورهم تجاوز الجياع بدون إجابات منطقية وواقعية توفر الحد الأدنى لسبل العيش. لقد تجاوزت السلطات ذلك وأمعنت في الإذلال فهل تعتقدون أن تلك عوامل يمكن مدارتها أو تبريرها.
في الأصل أن يدرك صاحب الشأن السياسي أعني الانتقالي أن الأمور قد ضيقت مساحته تمامًا ولا سبيل أمامه إلا أن بجيب أصوات الجياع من أبناء شعبه. ولا ينسى ما قدموه من تضحيات ووفاء منقطع النظير دعم مواقفهم في أحلك الظروف ولم يكن ما جرى في حضرموت التاريخ من حشد مليوني غير مسبوق إلا نمطًا من وفاء أفحم أعداء الجنوب تمامًا.
تلت ذلك المهرة التي جسدت عمق تاريخها بالجنوب منذ عقود وأتت لتعبر عن ذلك في أصعب ظروف العيش التي وضعتنا جميعا تحت قسوتها لا من منظور اقتصادي ولكن على لعبة الدولار الحقيقة التي تتمدد مساحتها على حساب شعبنا الصابر.
فهل يمنحنا موقف جماهيرنا مزيدًا من الطمأنينة وعدم الحسبان، أو الاستمرار بنسق عمل روتيني لا معنى له ولا تأثير في ظل هذه الأوضاع الماحقة المدمرة كرامتنا وإنسانيتنا.. أظن الوقت دقيقا جدًا ويتطلب مواقف فعلية تنهي مهزلة الإذلال الذي طال ليله على أرضنا الجنوبية التي تعيش تحت وطأة غير مسبوقة وفي ظل استمرار نهب ثرواتها.
ما يجري لم يعد بمقدور الظرف السياسي التعاطي معه بطرق الماضي الذي جربنا وعوده ونتائجه الجوع يفرض تعاطي مسؤول منطقي يعيد الثقة ويرمم ما أصابه جراء استمرار تجاهله من قبل أطراف كثيرة تسعى وبكل الطرق لاحتواء الجنوب وخلق حالة خلط وخلخلة لنسيجنا الاجتماعي، والإجهاز على كل ما تحقق بأدوات ناعمة لكنها جدا قاتلة. فهل يمكنكم أن ترقبوا المياه حتى فصلها الأخير؟ وهل تلك حكمة وحصافة سياسية أم غلطة الشاطر؟ ونأمل ألا تكون.