الناظر لوضع البلد عمومًا يشاهد تلك الصورة التي هي عليها الآن والتي لا نقول أنها لا تطمن ولا نقول أنها صورة فائقة الجمال، فنحن في بلد تتخطفه تركة ثقيلة من المصالح والولاءات واللوابيش وشهوات الطائشين ومكائد الأعداء وبنادق الأصدقاء، هذه الصورة العامة للبلد جرى تقسيمها إلى كاتونات صغيرة وصغيرة جدًا، وصغرت معها الأماني والأحلام، فلا عاد ما يسمى الوحدوي ( وحدويًا بالمفهوم الرمزي الأخلاقي المطلق، وهو لم يكن بتلك القداسة من اول طلقة ) ولا عاد من يطلق ( شعارات الاستقلال وإستعادة الدولة الجنوبية الحرة منزهًا من نزق اللحظة)، فالأيادي التي تدعي هذا وذاك أوغلت يدها في تشويه المفهومين معًا فلا عاد أنبياء الوحدة الخطيئة الكبرى بالنسبة لليمن والجنوب يتعاملوا معها أو يجسدوا مفهوم القداسة النبوية ولا عاد الأنبياء من حاملي شعار إستعادة الجنوب الطفل المفقود يجسدوا مفهوم تلك القداسة أيضًا، أن تلك الصورة الجميلة الحاملة الأحلام قد تشوهت وتم تخريبها، فإذا كانت وحدة الخطيئة قد خربت ماقبل توقيعها من قبل البيض بإعتباره سلم بلد بدون ضمانات ولا حتى ورقة سلف كما يقال وأجهز عليها عفاش بالتأمر من اللحظة الأولى، فإن أكثر ما شوه مفهوم الجنوب وإستعادة الدولة هم أولئك الجنرالات والسياسيين الذين تعاملوا بشهوة ونهم وحولوا ذلك الحلم الكبير إلى كابوس وأحلام مزعجة من نتائجها حالة اللا وجود واللا حلم واللا دولة واللا نظام ….واللا …. هذا الواقع الذي يفرض نفسه وهو التعامل مع المستحيلات التي انعكست من كنه هذه الصورة بتفاصيلها المختلفة، ولاشك أن الإنتقالي يربض على هذه المتناقضات والاختلافات، فهو في تعامله يميل إلى أن يمسك العصا من الوسط للموازنة بين الاشتراطات الخارجية والإرتباطات الداخلية، وهو يجلس على جُحر الثعابين خصوصًا وهو يحاول إستيعاب تلك المتناقضات وهو لا يسلم من مكيدة الشرعية.. وهي التي تقابل أي تحرك للإنتقالي من خلال صناعة الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من خلال اللعب في مساحة تتوسع فيها الهوة يومًا عن يوم بالنسبة للجنوب، لتكن الجنوب هي مسرح عمليات الشرعية وميدان لعبها، ولم نشاهد لها أي دور في مواجهة الحوثي، هذه المواقف التي تبديها الشرعية ليست بغريبة ولا بغائبة على المتأمل حتى لأولئك الجالسين على قارعة الطريق، وهذه المكائد التي تثيرها الشرعية هي سياسات لاتغالط فيها ولا تخفيها الشرعية، وهي تلعب على اوتار متعددة إلى جانب اللعب على الوتر المتعلق بالجانب الاقتصادي بخلق حالة من الفوضى بالتلاعب بسعر العملة الصعبة، وهذه الحرب التي تستخدمها الشرعية تعتبر بالنسبة لها لعبة تتيحها لها الظروف الراهنة وميوعة الأرضية التي تقف عليها مختلف الأطراف، بل إن الشرعية تمارسها بإريحية مطلقة لأن الساحة الجنوبية تعودت أن تمضي بوجه واحد ولا توجد قوى ضاغطة تهز عرش الشرعية، هذا بالمجمل جعل حكومة المناصفة والشراكة في موقع ودور ناتج عن الجو العام السائد، ولاشك إن الإنتقالي قد استوعب الكثير من التيارات ونحن نلاحظ الشرعية تتفنن في اللعب على مخلفات تركة الماضي الجنوبي الغث، والمتابع يستطيع أن يشهد ذلك من تنوع التيارات والفرق إلى حملة تسويق الشخصيات التاريخية الجنوبية، وأبناء الثوار الجنوبيين والسياسيين السابقين إلى إبتداع وإحياء فعاليات الأحزاب الرائجة في هذه الايام، ويبقى هناك الكثير في جعبة الإنتقالي الذي استوعب هذا الكم بدون نوعية فما يثقل ويؤرق كاهل الإنتقالي والذي سينبعث له من الداخل من شُلل وشخصيات المصالح والثعابين والحيات هم أولئك الأشخاص والتيارات التي استوعبها الإنتقالي وعدهم من الأصدقاء، وبهذا سيكون الإنتقالي هدف لمكائد الأعداء كما هو ساري في الفترات المنفرطة والحالية المشاهدة، أو بنادق الأصدقاء من الذين استوعبهم في داخله واعطى لهم صك الثقة إلى الحد الذي أفقد الوضع حالة الاستقرار بالمفهوم الاستراتيجي، ويبدو أن هناك قوى ضاغطة جنوبية قد تم تحييدها في المشهد ولا يستفيد منها الإنتقالي أثناء تفجر تلك المتناقضات وبروزها بشكل كبير، لأن هذه القوى الثورية الجنوبية قد أصبحت غير قادرة على اي أدوار لأنها قد أثقلت كاهلها الأزمات، من هنا فإن الإنتقالي وهو يتجاوز تلك المراحل هناك من يدعو له ولكنه ليس لديه القدرة ليقاتل معه فقلبه مع الإنتقالي ويده واهنة.