سبق لنا الحديث عن موضوع التكتلات السياسية منذ أن طرحت فكرة تكوين تكتل سياسي ( جديد ) لمواجهة الإنقلاب ودعم الشرعية؛ والإعلان عن ( الولادة ) الأولى لمثل هكذا ( كيان ) في منتصف أبريل عام ٢٠١٩م في مدينة سيئون؛ ومنذ ذلك الحين لم يسجل أي حضور فعلي لهذا الكيان؛ لا على صعيد مواجهة الإنقلاب ولا على صعيد دعم الشرعية وتعزيز دورها ومكانتها؛ بدليل أن الشرعية قد فشلت في تأدية دورها المطلوب وعلى مختلف المستويات.
والغريب العجيب وبعد خمس سنوات تداعت هذه القوى والأحزاب في نهاية أبريل الماضي وعقدت لقاءً لها في عدن لتبشر الناس بأنها قد أتفقت على المضي قدمًا لتشكيل تحالف أو تكتل جديد يحمل نفس المضمون ( مواجهة الإنقلاب ودعم الشرعية ).
ويبدو بأن الترتيبات الجارية الآن لعقد الإجتماع أو اللقاء في عاصمة الجنوب عدن؛ والذي سيتم بموجبه إشهار ( الولادة ) الثانية المعدلة ولنفس الهدف – الجديد القديم – إن كتب له النجاح؛ ونعتقد هنا جازمين بأن حظ ( المولود ) الجديد لن يكون مختلفًا عن سابقه؛ وهو الفشل المؤكد لجهة دوره ومهمته في ( مواجهة الإنقلاب ودعم الشرعية )؛ لأن تجربة خمس سنوات منذ إعلان سيئون والتأسيس الأول قد برهنت على ذلك؛ وإلا لما كانت الأمور قد وصلت إلى ماهي عليه الآن.
ونود هنا وعلى عجالة أن نسجل الملاحظات التالية :
( ١ ) إن هكذا لقاءات وبهذه الطريقة التي تتم بها؛ لا تعدو من كونها تعبيرًا عن الحرص المشترك لأغلب المشاركين؛ على تثبيت حضورهم في المشهد السياسي وبغض النظر إن كان هذا الحضور فعالًا وقائمًا في الواقع؛ أو شكليًا ومجرد عناوين ( لدكاكين ) سياسية للكثير منها؛ وهي معروفة وتعرف بنفسها وحجمها ومدى تأثيرها.
( ٢ ) لانشك أبدًا بصدق البعض وحرصهم على إيجاد صيغة تشاركية حقيقية وفعالة؛ للتنسيق والتعاون وحشد الطاقات في سبيل مواجهةالخطر الذي يهدد الجميع؛ غير أن هناك آخرون لا يريدون من هكذا تكتل ( وحدوي ) إلا الإلتفاف على مشروع الجنوب الوطني ومواجهة الانتقالي ومحاولة محاصرته والتشويش على دوره وتحجيمه؛ أملًا بإخضاعه وثنيه عن موقفه وقبوله بما يطرح عليه من صيغ سياسية للحل السياسي الذي يرونه مناسبًا لهم؛ وعلى حساب الجنوب وقضيته وتضحياته ومستقبل أجياله.
( ٣ ) مشاركة بعض الجنوبيين وبأي صفة كانوا في مثل هذا التكتل لأمر محير؛ فبقدر تقديرنا وإحترامنا لحقهم في ذلك؛ بالقدر الذي كنا نتمنى أن يكونوا أكثر حرصًا ومسؤولية على التواصل مع الانتقالي والتفاعل مع آلية الحوار الذي تبناها والوصول معه إلى صيغة توافقية وطنية جنوبية؛ ففي ذلك سيتجسد حضورهم الوطني الفعال لجهة الدفاع عن قضية شعبهم الوطنية؛ فهنا بالضبط موقعهم مكانًا وتاريخًا ومسؤولية.
( ٤ ) إن وضع شعار ( دعم الشرعية ومواجهة الإنقلاب ) إنما هو شعار مضلل؛ فأغلب هذه القوى والأحزاب ممثلة في الشرعية وهي جزء صيل منها؛ أكان على الصعيد الحكومي أو في هيئة التشاور والمصالحة؛ وكذلك كمستشارين للرئاسة أو في مجلس الشورى؛ فعن أي شرعية يراد دعمها؟
أما الوقوف ضد الإنقلاب فإن الأمر أكثر غرابة وسخرية؛ فواقع الحال والشواهد على المواقف ( المنبطحة ) كثيرة وكثيرة جدا؛ ناهيك عن حالة التخادم والتنازلات المريبة والمعيبة.