أشرق فجر يوم الـ 30 من نوفمبر من العام 1967م لتشرق معه شمس الحرية على أرض الجنوب بعد 129 عام من الإحتلال البريطاني لجنوبنا الحبيب مارس فيها الإحتلال الظلم والقهر والإستبداد ضد أبناء الجنوب.
وطيلة فترة الأحتلال التي تخللتها العديد من حركات الرفض ضد الاستعمار البريطاني وللأسف كانت حركات ومحاولات لم يكتب لها النجاح والإستمرار بسبب إنعدام الدعم لهذه الحركات بالأضافة إلى سياسة الإستعمار بخلق الشقاق بين أبناء الجنوب ( سياسة فرق تسد ) إلى أن فاض الكيل بأبناء الجنوب وكان يوم الـ 14 من أكتوبر من العام 1963م يوما مفصليا في حياة شعب الجنوب حيث إنطلقت أول شرارة للثورة من جبال ردفان الشماء وسقوط أول شهيد فيها وهو البطل الثائر راجح بن غالب لبوزة.
أستمر الكفاح المسلح أربع سنوات أجبرت فيها بريطانيا على أخذ عصاها و الرحيل من أرض الجنوب بعد مفاوضات جنيف في 21 نوفمبر 1967 بين ممثلي شعب الجنوب وحكومة بريطانيا ( وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي و وفد حكومة بريطانيا برئاسة اللورد شاكلتون ) وغادر آخر جندي بريطاني العاصمة عدن في الـ 30 من نوفمبر من العام 1967م ليتم بعدها توحيد 22 سلطنة ومشيخة في دولة واحدة وتحت علم واحد إيذاناً ببدء مرحلة البناء والتنمية للدولة الوليدة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
حيث شهدت المرحلة التالية بناء دولة النظام والقانون والمؤسسات وتثبيت مداميك الدولة الفتية.
ولهذه المناسبة العظيمة دلالات ومعاني كبيرة لدى أبناء الجنوب ففي هذا اليوم إنتصرت إرادة شعب الجنوب على قوة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس رغم الفارق الهائل في القوة والتسليح لكن إرادة الشعوب لا تقهر .
كما ساعد التلاحم والترابط بين أبناء الجنوب على تحقيق النصر فالجميع ساهم في كتابة التاريخ من خلال الالتحاق بثوار جبهة التحرير او الجبهة القومية للنضال ضد المستعمر البريطاني أو من خلال تقديم الدعم اللوجستي وتوفير الحاضنة الشعبية للثوار التي عملت على توفير الغذاء والدواء والمخبأ وغيرها ناهيك أن شعب الجنوب إنتفض في الوقت الذي توفرت فيه مقومات الثورة رغم انه شكل حركات مقاومة سابقة بسبب ممارسات الاستعمار فلم يستكين ولم يخضع وحارب الظلم والاستبداد وهذا يدل على الشجاعة والكبرياء مثل الشيخ محمد عواس الذي قتل الضابط البريطاني (ديفيد) في 17 ابريل 1948م بعد قيام المستعمر بأرسال حملة للقبض عليه. والسيد عبدالدايم بن محسن الذي طعن الميجر (سيجر) الضابط العسكري البريطاني في الضالع في 5 يناير 1954م وغيرهم الكثير من الأبطال .
كما لعبت المرأة الجنوبية دورا بارزا في ثورة 14 من أكتوبر لا يخفى على أحد من خلال تزويد الثوار بالذخيرة حيث كانت تعمل على نقل الذخائر والسلاح من مكان إلى آخر بالاضافة لتزويد الثوار بالغذاء.
إن الإصرار والثبات والعزيمة لثوار شعب الجنوب وتمسكهم بحقهم في التحرر من الاستعمار البريطاني زادت من عنفوان وجذوة الثورة خصوصا مع تأثرها بحركات التحرر العربي .
كل هذه العوامل ساعدت في تحقيق الانتصار العظيم ليكون يوم 30 نوفمبر يوما وطنيا لشعب الجنوب بأمتياز.
أما الدروس والعبر المستفادة فهي :
– لا يمكن لأي قوة على وجه الأرض أن تقهر إرادة شعب الجنوب.
– التمسك بهدف التحرير والاستقلال وعدم الخضوع للضغوط أو المغريات رغم كثرتها .
– الوصول للأهداف النبيلة يحتاج إلى صبر وقوة تحمل في مواجهة فارق القوى.
– وحدة الصف هي خط الدفاع الأول ضد أي قوى تستهدف شعب الجنوب.
– الحاضنة الشعبية بدعمها اللوجستي هي من تذكي نيران الثورة .
– صدق الثوار وتضحياتهم لنيل الحرية كان مفتاح النصر.
– تحلق الحرية بجناحين جناح عسكري يضغط وجناح سياسي يفاوض.
– الجنوب لكل وبكل أهله.
– توفر الدعم العربي السياسي والمادي واحدة من الأسباب في التعجيل بنيل الحرية.