تحليل شامل للتطورات الأخيرة في اليمن والمنطقة، استناداً إلى تقارير ومقالات دولية تسلط الضوء على الديناميكيات الجديدة. يناقش التقرير دعم إدارة ترامب المتوقعة لأعداء الحوثيين، الدعوات للحسم العسكري، والتهديد الاستراتيجي المتزايد للحوثيين كذراع إيراني في المنطقة. كما يستعرض التحديات الإسرائيلية وسط الطموحات الإقليمية وتأثيرها على العلاقات مع واشنطن.
في هذا التقرير، يتناول مركز سوث24 ملخصات مترجمة لتقارير وتحليلات نشرت مؤخراً في منصات ومجلات وصحف دولية حول التطورات الأخيرة في اليمن، الشرق الأوسط، والعالم. تشمل هذه التحليلات التوقعات بدعم إدارة ترامب الجديدة لأعداء الحوثيين في المنطقة عسكريًا، لوجستيًا واستخباراتيًا.
أيضًا، هناك مطالبات للولايات المتحدة لاستخدام الحسم العسكري لردع الهجمات الحوثية على الملاحة البحرية والتوقف عن تجنب الصراع الذي يعتبره معهد أمريكي بارز “نهجًا فاشلاً وسياسة غير مستدامة” تؤدي للتصعيد الحوثي واستمرار تهديداته في البحر الأحمر.
كما تتناول التحليلات تجاهل الدور الكبير الذي تلعبه إيران في المنطقة في تقديم الدعم المالي والعسكري واللوجستي للحوثيين الذين أصبحوا خطراً استراتيجيًا كبيراً. بالإضافة للتصرفات الإسرائيلية في المنطقة وكيف أجلت طموحات أمريكا في آسيا، وأضافت تعقيدًا كبيرًا للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.
إدارة ترامب من المتوقع أن توسع دعمها لأعداء الحوثيين
قال مقال نشرته مجلة The National Interest إن “الدور الجديد للحوثيين في قيادة عمليات إيران ضد إسرائيل، جعلهم لاعبًا إقليميًا مؤثرًا في المنطقة. كما أن تأثير هجمات الحوثيين البحرية على الاقتصاد العالمي والتعاون المحتمل مع منافسي الولايات المتحدة مثل روسيا والصين سيجعل القضية أكثر أهمية في نظر الرئيس الأمريكي ترامب، حتى لو توقف الحوثيون عن مهاجمة حركة الملاحة البحرية وإسرائيل”.
وأشار المقال إلى أن “البيان الذي أدلى به زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، بعد أيام قليلة من الانتخابات الأمريكية، والذي انتقد فيه إدارة ترامب واستهزأ بإمكانيتها في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مهددًا بمواصلة الهجمات في البحر الأحمر، قد ترك العديد من المراقبين يتساءلون عن رد إدارة ترامب على الحوثيين المدعومين من إيران، الذين تطوروا من قوة محلية إلى قوة قادرة على تعطيل حركة الملاحة البحرية العالمية وضرب إسرائيل في غضون سنوات قليلة”.
ولفت المقال إلى تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية التي انتقد فيها ضربات إدارة بايدن ضد الحوثيين، ورغبته في تجنب الانخراط فيما يسمى “الحروب الأبدية”. ما دفع المحللين للقول إن الإدارة الجديدة قد تتخذ نهجًا أكثر ليونة تجاه الحوثيين، مشيرًا إلى أنه “من المتوقع أن يعيد ترامب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية”. وأضاف المقال أنه “من غير المرجح أن ينشر ترامب قوات أمريكية على الأرض في اليمن، بل سيستخدم الضربات الجوية في استهداف القادة الحوثيين والمواقع العسكرية التابعة لهم”.
واختتم المقال بأن “إدارة ترامب من المتوقع أن توسع دعمها للجهات الإقليمية التي تحارب الحوثيين. وقد يشمل ذلك الدعم العسكري والاستخباراتي واللوجستي لإسرائيل في ضرباتها على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وتعزيز الدعم العسكري للسعودية والإمارات إذا قررتا استئناف العمليات في الأراضي اليمنية، وتقديم المساعدة في الحوكمة والمجال العسكري للقوات اليمنية المحلية المتحالفة مع مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي”.
على الولايات المتحدة استخدام الحسم العسكري في مواجهة الحوثيين
قال تحليل نشره معهد (أمريكان إنتربرايز) إن السماح للحوثيين بإطالة أمد حملتهم التصعيدية في البحر الأحمر تدريجياً هو في الواقع خيار سياسي أكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة على المدى البعيد مقارنة بالجهود العسكرية الأكثر حسمًا”.
وأضاف: “الحوثيون يشكلون الآن تهديدًا استراتيجيًا له تداعيات عالمية على الولايات المتحدة وحلفائها الذين فشلوا في منع إيران من تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين منذ عام 2015”. مضيفًا: “الدلائل تشير أن الهجمات الحوثية أصبحت أكثر فعالية في عام 2024”.
وأشار المقال إلى أن الحوثيين “تحولوا إلى تهديد استراتيجي كبير في المنطقة، له علاقات مع العديد من أعداء الولايات المتحدة التي سعت إلى تجنب التصعيد والرد على التهديدات الحوثية منذ أكتوبر 2023، من خلال اتخاذ سلسلة من التدابير المحدودة التي لم تحقق تأثيراً ملموسًا على الأرض في وقف تدفق الدعم العسكري واللوجستي الإيراني للحوثيين أو تُضعف قدراتهم العسكرية”.
وأردف التحليل: “بل إن الحوثيين استفادوا من فهم عمل الدفاعات الأمريكية ضد أنظمة هجومهم بمختلف أنواعها في تحسين فعالية هجماتهم وتقديمها لخصوم الولايات المتحدة الآخرين”.
ويعتبر المعهد أن “فشل الولايات المتحدة في تعطيل أو ردع التصعيد الحوثي في البحر الأحمر أجبر صناع السياسات الأميركيين على إعطاء الأولوية للبحر الأحمر على غرب المحيط الهادئ، وهي الأولوية التي تتعارض مع السياسة الأميركية المعلنة. حيث إن إعطاء الأولوية للتحدي المدعوم من إيران في البحر الأحمر يتسبب في حرمان الولايات المتحدة من الموارد من منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.
مضيفًا: “كان من الممكن أن تؤدي الضربات المميتة وغير المميتة المتكررة على الأنظمة التي مكنت الحوثيين من استهداف وتتبع أهدافهم إلى تجريد الحوثيين من قدراتهم العسكرية”.
واختتم المقال بالقول “إن السياسة الأميركية تجاه الحوثيين في الفترة 2023-2024 تثبت أن “إدارة التصعيد” ليست نهجًا فاشلاً فحسب، بل إنها سياسة غير مستدامة. فقد “صعّد” الحوثيون مراراً وتكراراً ولم يواجهوا سوى رد أميركي محدود لا يشكل أي تهديد لسيطرتهم في مناطق واسعة من اليمن”
وقال إنه “يتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم أن إدارة التصعيد يشجع في الواقع على التصعيد ويطيل أمد الصراعات وهي مشكلة خطيرة خاصة عندما يتعين على الولايات المتحدة أن تكون قادرة على التركيز على مسارح حاسمة أخرى”.
الحوثيون يتحولون إلى جيش إيراني يهدد الشرق الأوسط
انتقد تحليل نشره “مركز القدس للشؤون العامة”، وهو مركز بحثي إسرائيلي، ما وصفه بـ “التركيز المحدود من قبل المسؤولين الدفاعيين الأمريكيين على التهديد الحوثي المباشر للشحن الدولي وإسرائيل، مع تجاهلهم للدور الكبير الذي تلعبه إيران في تدريب وتمويل وتسليح الحوثيين.
وأشار التحليل إلى أن “وكالات حكومية أمريكية موثوقة نشرت صورًا مكثفة وأدلة تثبت وجود أسلحة إيرانية في أيدي الحوثيين، لكن الردود العسكرية على “العدوان الإيراني” كانت نادرة وضعيفة”. متسائلاً “هل ستتغير الردود الغربية والإسرائيلية السلبية نسبيًا تجاه إيران (والحوثيين) عندما تتولى الإدارة الأمريكية الجديدة السلطة؟”.
ولفت التحليل إلى أن ” الشحن الدولي مهددٌ دائمًا بالقرصنة الحوثية. حيث إن الحوثيون اليوم أصبحوا جيشًا مسلحًا وخطيراً، يضم أكثر من 800 ألف مقاتل يتم تدريبهم على يد الإيرانيين وحزب الله، يهددون إسرائيل والسعودية ودول الخليج والبحرية الأمريكية والشحن الدولي باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية وقذائف وأنظمة إيرانية مضادة للطائرات”.
وأضاف التحليل “أن مسؤول أمريكي رفيع في البنتاغون، قدم تقييماً في أكتوبر 2024 جاء فيه “إن الحوثيين يمتلكون أسلحة متطورة بإمكانها القيام بأشياء كبيرة”. واصفاً إياهم بأنهم “أصبحوا مخيفين”.
وأشار إلى أن “السفن “المدنية” الإيرانية في البحر الأحمر كانت تنقل الاتصالات والإشارات الإلكترونية والمعلومات الاستخباراتية من وإلى الطائرات بدون طيار، وتجري عمليات مراقبة، وتوجه مهام الهجوم. ويُشتبه بأن هذه السفن كانت تعمل أيضاً كناقلات أسلحة تقسم الشحنة إلى حمولات أصغر على قوارب الصيد لتهريبها إلى الشاطئ”.
وأردف التحليل “الحوثيون أكثر وكلاء إيران خطورة وفاعلية؛ خصوصاً بعد الحملات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس وحزب الله. حيث يرى الحوثيون أن مهمتهم هي تخفيف الضغط الإسرائيلي عن حماس. ومن المرجح أن يظهر الحوثيون على حدود إسرائيل كقوات إيرانية استكشافية”.
وخلص التحليل إلى “ضرورة إنهاء المسؤولية المحدودة، تجاه كل أعمال العنف ضد الغرب وإسرائيل وحرية الملاحة في الشرق الأوسط التي ترجع إلى إيران التي تمد وكلائها بالوقود والتمويل والأسلحة”. معتبراً أن ” حماس وحزب الله والحوثيون” قتلوا الآلاف، وأدخلوا المنطقة في حروب دائمة، وأغلقوا عمليًا حركة الشحن في قناة السويس”.
لهث إسرائيل خلف الدعم الأمريكي قد يعزلها عن الساحة الدولية
نشرت مجلة Foreign Affairs تحليلًا قال إنه: “رغم انتصاراتها في ساحة المعركة، تواجه إسرائيل خطرًا حقيقيًا. وستعتمد قدرتها على إنهاء الصراعات الحالية بنجاح كبير على كيفية إدارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علاقاته مع الرئيس الأمريكي المقبل. إذ سيُطلب من نتنياهو السير على حبل مشدود، متجنبًا أي ضغائن قد يحملها دونالد ترامب، والعمل بمهارة لتحقيق توافق بين أهدافهما”. وأضاف التحليل أن “المفارقة تكمن في أن العقبة الكبرى أمام نتنياهو قد تكون من نفس الأحزاب اليمينية التي تُبقيه في السلطة”.
وأشار التحليل إلى أن “فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية جاء في أفضل توقيت ممكن لنتنياهو. فقد حدث ذلك بعد أكثر من 13 شهرًا على الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر 2023. لكن نتنياهو وحلفاءه يستخفون بالمشاكل العديدة التي تُقوّض طموحاتهم الكبرى في الشرق الأوسط. فإيران ووكلاؤها لن يختفوا بسهولة، ولديهم قدرات نارية كبيرة تجعلهم قادرين على إطلاق مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار يوميًا على إسرائيل. أما الأحلام بأن هذه الفصائل ستستسلم قريبًا، فهي محض أوهام”.
وأضاف التحليل أن “نتنياهو وحكومته يرون في المرحلة الحالية فرصة نادرة لإعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط. وتتمثل الركيزة الأساسية لهذا المشروع الطموح في ضم مزيد من الأطراف الإقليمية والدولية إلى المعسكر الإسرائيلي. وقد دفعت عمليات القرصنة الحوثية في البحر الأحمر الولايات المتحدة إلى الانضمام للمملكة المتحدة في تنفيذ ضربات صاروخية ضد معاقل الحوثيين في اليمن”.
وأردف التحليل: “يتوقع نتنياهو وحلفاؤه أن توفر إدارة ترامب المقبلة دعمًا أمريكيًا غير مشروط لإسرائيل. وقد عزز هذا التوقع الطموحات التوسعية الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الطموحات الكبرى في المنطقة لن يكون ممكنًا بدون دعم كبير من واشنطن. وفي الوقت الذي تبدو فيه حاجة إسرائيل إلى الولايات المتحدة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، تبرز الافتراضات الإسرائيلية بشأن دعم ترامب غير المحدود باعتبارها “ساذجة”.
واختتم التحليل بالقول: “على نتنياهو أن يقرأ الوضع بدقة ويستغل اللحظة لإنهاء الحرب الإسرائيلية قبل أن تتسبب في ضرر أكبر من فائدتها. وعليه تجنب خلق انقسام مع ترامب، إذ إن الأخير غير متوقع على الإطلاق. فإسرائيل قد تجد نفسها معزولة على الساحة الدولية إذا استمرت في المراهنة على دعمه غير المشروط. وفي سعيه لتحقيق نصر دائم، قد يكتشف نتنياهو أنه جعل وضع إسرائيل أكثر هشاشة”.