الاتفاق السعودي -الايراني برعاية صينية والذي تضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ،واعادة فتح سفارتيهما خلال مدة أقصاها شهرين،مع تأكيد البلدين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية،كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما والموقعة في:17ابريل 2001م واتفاقية التعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والموقعة بين البلدين في:27مايو1998م.
هذا الاتفاق كان متوقعاً، فالسعودية تريد الخروج من المستنقع اليمني، والمنطقة بإكملها فيها تحركات دبلوماسية وعسكرية نشطة، ومن السابق لأوانه التقييم الان، ننتضر ردود الأفعال ،وبالذات الأمريكية والأوروبية،بالاضافة التحركات الدبلوماسية الاخرى،فهناك اجتماع رباعي في موسكو ،يظم روسيا وتركيا وإيران وسوريا خلال الأسبوع المقبل،وهناك تحركات عسكرية أمريكية في المنطقة ،حيث قام وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن بزيارة الاردن والعراق وشمال العراق ومصر وامس الخميس وصل اسرائيل ،وقبلها كان رئيس الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي ،حيث زار الاردن واسرائيل والقواعد الأمريكية شمال سوريا،وتزامنت هذه الزيارة مع زيارة قائد المنطقة الأمريكية الوسطى إلى محافظة المهرة ،وظهوره بشكل علني ،كل هذه التحركات السياسية والعسكرية تهدف إلى مزيد من الاستقطابات والتحالفات مع دول المنطقة وفقاـ لمصالح الدول الكبرى،التي يحاول كل طرف إثبات وجوده وتعزيز حضوره العسكري والسياسي ،للدفاع عن مصالحه ويجب أن تأخذ كل هذه التحركات بعين الاعتبار،فهي ليست منفصلة عن بعضها،وكل طرف يتحرك وفقاً لقدراته وامكانياته على الأرض،وبالطريقة التي يراها مناسبة لإيصال رسالته للطرف الآخر ولحلفائه في المنطقة ،ومن الصعب التنبؤ بكل ما سيحدث ،لكن الاكيد أننا دخلنا في خضم الاستقطابات الإقليمية والدولية ,والتي سيكون لها الدور الأهم في حسم الصراع في العديد من الملفات ومنها الملف اليمني،لكن حرب اوكرانيا ونتائجها سوف تكون الفيصل في صراع المحاور،وفي تعزيز قوة هذا المحور أو ذاك ،والصين وروسيا وحلفائهم في المنطقة ستكون لهم كلمة الفصل في كل مايدور في المنطقة والعالم . والواقع يقول إن التنين الصيني قادم بقوة،فالمبادرة الصينية لإيقاف الحرب في اوكرانيا رحب بها طرفي الحرب،وسوف تكون الاساس لاي مفاوضات قادمة بين الطرفين،والسعودية قبلت بالمبادرة الصينية لادراكها بإن الموقف الأمريكي في المنطقة قد أصبح ضعيفاً ولايمكن الاعتماد عليه،امريكا لم يعد بمقدورها اليوم انتزاع اي قرار من مجلس الأمن يشرعن لهيمنتها ،كماحصل في تسعينيات القرن الماضي والعشريةالاولى من هذا القرن ،فالفيتو الصيني – الروسي لها بالمرصاد،وليس بمقدورها القيام بغزو عسكري أو فرض واقعاً عسكرياً في أي منطقة بالعالم وغزو العراق وافغانستان لايمكن أن يتكرر،واشعال الثورات الملونة أو المطالبة بالحريات وحقوق الإنسان لم يعد لها تأثير يذكر ،بعد سقوط هذه الورقة وانكشافها أمام معظم شعوب العالم،وبالتالي فإن التفرد الأمريكي بالقرار الدولي السياسي والعسكري لم يعد قائماً،بالاضافة إلى أن حجم الدين العام الأمريكي تجاوز كل الخطوط الحمر،وهناك بنوك كبرى على وشك الإفلاس ،وهذا يعني فقدان امريكا لأهم ورقة كانت تهيمن بها على العالم ،وبالتالي فإن العالم لم يعد أحادي القطب بالفعل،فالقطب الاقتصادي الصيني والى جانبه القوة العسكرية الروسية أصبح لهما وزناً كبيراً قادماً بقوة ،ولايمكن تجاهله تحياتي لكم م مقبل ناجي مسعد 10مارس2023م