التعتيم الذي مورس على مفاوضات جرت في غرف محكمة الإغلاق خلف أبواب مؤصدة في وجه المسربين بين وفدي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان السبب المباشر في نجاحها المكلل بعودة العلاقات الثنائية الدبلوماسية بعد انقطاع دام سبع سنوات.
وهي خطوة كان لابد منها لتنفيذ اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي تعثر اتخاذها منذ التوقيع عليها قبل عشرين سنة. وإجراء ما كان له أن يتحقق لولا الوساطة الحكيمة لكل من الجمهورية العراقية وسلطنة عمان ورعاية جمهورية الصين الشعبية لاقت استحسان وإعجاب الجميع. حيث أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم وعلى قدر الكرام تأتي المكارم. وأن النصر كان من حظ الدولتين، ولا غالب ولا مغلوب لأي منهما.
وعلى ضوء ذلك، سارع العرب إلى مباركة الاتفاق السعودي الإيراني. والترحيب بعودة العلاقات الدبلوماسية ليس بينهما وحسب، بل يعتبرونها استئنافا وتوطيدا لعلاقات عربية إيرانية على كافة الصعد. وتمتين ركيزة كن ركائز السلام في المنطقة يودعون التوترات والحروب الدائرة منها والكامنة.
حكومة المناصفة والمجلس الانتقالي الجنوبي والحوثيون ليسوا استثناءا. هم كذلك رحبوا باتفاق عودة العلاقات السعودية الإيرانية مثلهم مثل كافة دول العالم عدا الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر الاتفاق فشلا مدويا لحكومته. وربما كان يتظاهر بالفشل الذي يعزوه إلى تباطؤ رئيسها نتنياهو الذي زاد من تعقيد مساعي إسرائيل الدبلوماسية في إبرام اتفاقية مع المملكة العربية السعودية. اتفاقية ندم الرئيس الأمريكي أن تبرم بين السعودية وإيران وقال كان الأفضل إبرامها بين السعودية وإسرائيل بدلا من إيران.
ولكن، هل حقا جرى التوقيع على الاتفاق من دون علم الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي من دون علم إسرائيل؟ حتى وإن جرى التكتم على ما يدور في جولات المفاوضات وهما الساعيان إلى إشراك المملكة العربية السعودية ضمن حلف دولي شرق أوسطي ضد إيران تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على غرار حلف شمال الأطلسي الناتو الغربي! أم كانت المعلومات تصلها أولا بأول وتتتبع المفاوضات خطوة بخطوة. لعل وعسى تتمكن من بناء ناتو شرق أوسطي أوسع أو بشكل مغاير وتكتيك مختلف وخاصة بعد بروز طفرات ومستجدات نتيجة الحرب في أوكرانيا وأسبابها التي استنزفت الغرب وحلف الناتو.
تكتيك يتوقف على مواصلة السعي من الجهتين لضم السعودية إلى اتفاقيات أبراهام 2020، والتي قد انضمت إليها كل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين. وتقديرا لهذا السعي السعودية ألغت القيود عن تحليق الطيران الإسرائيلي في أجوائها. ومع كل ذلك، فإننا نجد أنه مثلما يتفق المفهوم الأمني للصين وروسيا مع الاتفاق السعودي الإيراني، فإنه لا يتعارض مع هذا التكتيك المرسوم لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وترسيخ سلام عادل شامل دائم فيها وفي العالم أجمع. تحت عنوان العلاقات السعودية الإيرانية دعامة السلام العالمي.