في ضوء الهجوم الذي يتعرض له وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري، تبرز الحاجة للتوقف بعقلانية والتأمل في ما يُقال وما يُسوق تحت مظلة النقد أو التصحيح، منذ أن تولى الوزير الداعري منصبه، وجد نفسه أمام مؤسسة مثقلة بالتحديات، حيث تراكمت فيها أوجه الفساد، وضعفت الإمكانات، وغابت الرؤية الموحدة، ورغم ذلك، أصر الرجل على مواجهة هذا الإرث الثقيل، واضعًا نصب عينيه إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة بناء منظومة دفاعية قادرة على حماية البلاد وضمان أمنها.
في الحقيقة ان مواجهة الفساد ليست بالمهمة السهلة، خاصة في بيئة معقدة تعج بالمصالح الشخصية وتفتقر إلى القيم المهنية والوطنية، ومع ذلك، عمل الوزير الداعري بهدوء وبُعد عن الأضواء، محاولًا التوازن بين التصدي للمعوقات الداخلية ووضع أسس البناء والإصلاح،كان مدركًا أن هذا المسار سيجعل منه هدفًا لسهام النقد والتشويه، ومع ذلك لم يتراجع، بل واصل العمل بخطى ثابتة على الرغم من العراقيل.
غير أن بعض الأطراف، ممن اعتادوا الاستفادة من الفوضى، حولوا النقد من أداة للتطوير إلى وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية،هؤلاء الذين يدّعون الدفاع عن الوطن والمؤسسات، يُسخرون منصاتهم للهجوم الشخصي والتشويه، متناسين أن مثل هذه التصرفات لا تضر المسؤول المستهدف فحسب، بل تضعف المؤسسة ذاتها وتعيق العمل الوطني الذي يحتاجه الجميع وبشدة،النقد البناء حق مشروع، بل ضرورة وطنية، لكن حين يُستخدم كأداة للابتزاز وتصفية الحسابات، يتحول إلى سلاح مدمر يعيق مسيرة الإصلاح التي يحتاجها الوطن بشدة.
الوزير الداعري، رغم كل ما يواجهه، لم يتوقف عن أداء مهامه،إنجازاته، رغم قلة الموارد والدعم، تشهد على جديته وإخلاصه،فقد عمل على ترسيخ قواعد حقيقية لإعادة بناء المؤسسة العسكرية، وهو ما لم يكن ليحدث لولا رؤيته الواضحة وإيمانه العميق بدوره الوطني، وللعلم انه منذ تولي الوزير الداعري منصبه، ورغم ضعف الموازنة المخصصة لوزارة الدفاع، أقدم رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك على قطع هذه المخصصات بشكل كامل، مما أدى إلى تفاقم التحديات التي تواجهها الوزارة في أداء مهامها الوطنية.
في المحصلة، الشعب اليوم أكثر وعيًا من ذي قبل،يدرك من يعمل بصدق ومن يستغل موقعه لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، التاريخ وحده سيكون الحكم العادل، وسيسجل جهود من عملوا بإخلاص في بناء الوطن،الفريق الركن محسن الداعري سيظل مثالًا لرجل واجه التحديات بعقلانية وشجاعة، بينما ستظل أسماء من حاولوا عرقلته شاهدة على أدوارهم السلبية في صفحات النسيان.