“يعرف الفساد بانه أعمال غير نزيهة يقوم بها أشخاص يشغلون مناصب في السلطة.” تسبب الفساد في توليد المآسي لملايين من البشر عبر التاريخ ويلجأ الفاسدون إلى شتى الطرق والوسائل للوصول إلى غاياتهم بما في ذلك إثارة الفتن والحروب داخل المجتمعات وبين الدول.وتعتبر الحروب الداخلية والخارجية أسوأ نتائح وآثار الفساد وقلما حدثت حرب أو نزاع محلي أو خارجي لا يكون للفساد دور فيه. وترتفع معدلات الفساد في أزمنة النزاعات والحروب وصفقات السلاح بسبب تراخي الأنظمة واستخدام مبررات الأمن والسرية لتغطية ممارسات الفساد كما يلعب الفساد دورا قويا في تشويه العلاقات الاقتصادية والإنسانية، ويؤدي انتشاره إلى تعاظم المآسي وشيوع الظلم وإهدار الكثير من الموارد العامة والخاصة وإساءة استخدامها ،وتدمير البيئة والقيم.
” لقد أصبح الفساد منهجيا وفي بعض الحالات لا سياسيا ، يتنازع الفاعلون الذين يعارضون بعضهم بعضا سياسياً وعسكرياً على النفوذ على الأرض. لكن تحت السطح، يتبدى واقع أكثر غرابة،حيث هناك مجموعة واسعة من الفاعلين والمصالح والأنشطة، من كبار صانعي القرار والقادة العسكريين إلى رجال الأعمال الصاعدين والمتمكنين حديثا إلى مسؤولين أمنيين محليين يسيطرون على نقاط التفتيش وصولا إلى مصرفيين تجاريين وصرّافين وحتى سائقي الشاحنات والموظفين المدنيين، حيث أن شبكات الفساد تجاوزت الصراع وأصبحت عابرة للحدود والجبهات بتعاون الخصوم المفترضين بغية زيادة أرباحهم.،وانخرط جميع اللاعبين بالمضاربة بالعملة وأسعار الصرف وعمليات غسيل الأموال وما ينتج عنها من آثار اقتصادية فادحة مضعفة لقدرات السلطات على تنفيذ السياسات الاقتصادية بكفاءة وما تقود اليه من التضخم وارتفاع المستوى العام للأسعار وإضعاف استقرار سوق الصرف وخلل توزيع الموارد والثروة وتهديد الاستقرار المالي والمصرفي وانتشار الفساد الاداري واستغلال النفوذ والإضرار بسمعة الدولة ونفاذ المجرمين الى مناصب سياسية هامة واستغلال الأموال المغسولة فى تمويل الارهاب كما ويفرز الفساد تفاوت بين الطبقات الاجتماعية وصعود فئات اجتماعية دنيا إلى أعلى الهرم الاجتماعى وانتشار الرشوة وشراء الذمم وعدم خلق فرص عمل حقيقية مما يؤدى إلى تفاقم مشكلة البطالة وتدنى الأجور للأيدي العاملة وتدنى مستوى المعيشة ويفاقم من معضلات الفقر ويزيد من تباين الدخول بين شرائح المجتمع.
ان الحرب كما سببت المزيد من الفقر والجوع والموت مثلت كذلك فرصة لتزايد المتربحين من استمرارها لتغدو مصالحهم مع تواصل النزاع اكثر رسوخا كما يسهل ذلك عليهم تنفيذ عمليات تهريب الوقود والسلاح والمتاجرة والتحكم بسعر العملة من خلال شبكات صرافة يملكونها وأخرى يتعاملون معها، وتسطع حقيقة منطقية ان الفاسدون شمالا وجنوبا لا يأبهون لقضية بعينها بقدر أهمية ما يجنون من مكاسب .!
لقد نتج عن الفساد والمصالح العصوية مظالم كثيرة وندوب في جسد القانون والدولة ولم يكن البسط على الاراضي والمتنفسات والسواحل والمنشئات والمعالم التاريخية وحتى المقابر إلا نزرا يسيرا من الفساد المترهل ولعل ظاهرة“الجنود الأشباح”،أي تضخيم جداول الرواتب العسكرية لجنود غير موجودين
وامتناع بعض المحافظات ذات الدخول الكبيرة من التوريد إلى البنك المركزي بعدن الذي يشهد تعثرا كبيرا في تحقيق التزامه الكامل بصرف كل نفقات الدولة، وفي مقدمتها المرتبات نتيجة عدم توفر السيولة الكافية من موارد الدولة ، إلا صورة مصغرة للفساد الكبير الجاري على قدم وساق وعلى كل المستويات الخدمية والامنية والاقتصادية والعسكرية .
إن نخر الفساد في جسد أي مجتمع من المجتمعات ظاهرة خطيرة تحول دون تقدمه ونهضته ونموه وهو ٱفة استشرت في كثير من الأمم ولم تعد عليها إلا بالخسران المبين؛ ولسنا بمنأى عنه بعد ان اصبح اليوم يسود في مفاصل ما تبقى من مؤسسات الدولة حيث الشرعية وحيث سلطة الأمر الواقع الحوثية الانقلابية وأن التساهل في مكافحته هو من أخطر المسالك التي تؤدي إلى انهيار المجتمع والحاق أفدح الضرر باقتصادياته وبرامجه الاصلاحية ورغبته في النهوض والنمو كما يعيق الوصول بالمواطن إلى الرفاهية المقصودة ويتجاوز هذا إلى تأمين احتياجاته الضرورية ويحول دون توفير الخدمات المناسبة في النواحي الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية،ويدمر القيم ويهدد السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي ويخفض معدلات النمو الاقتصادي وتباطؤ مسيرة التنمية وتراجع مستويات العدالة والثقة بالمؤسسات ولا يوجد أسوأ من السلوكيات التي يمارسها أناس من موقع المسئولية وهم يستجرون تاريخ من الفساد والافساد وعدم الشعور بالمسئولية او االاحساس بألم الناس وما يكابدونه من ضنك العيش، مستغلين حالة سياسية مأزومة ومستخدمين الوظيفة للاثراء وتغليب المصلحة الخاصة على العامة وعدم احترام النظام والقانون والعمل المؤسسي والتي تحتاج الى عملية تصحيح شاملة للتخلص من اثارها وتداعياتها ومحاسبة كل من يستغل منصبه للاضرار بمصالح النلس وبالصالح العام وكل من تورط في قضايا الفساد فهو مدان ويجب تطبيق أقصى العقوبات القانونية ضد من يثبت ضلوعه في تلك القضايا التي تزيد العبء على المواطنين وتضاعف معاناتهم.
ومن الاهمية اتخاذ اجراءات وعبر القانون مطبقا على كل من يثبت عليه الفساد اياً يكن منصبه ومكانته وبعيدا عن المكايدات السياسية واصبح حتميا تفعيل كل الأجهزة القضائية ،النيابات والمحاكم والرقابة والمحاسبة وحماية العاملين فيها واجتثاث منابع الفساد ورعاته وعرابيه وفي المقدمة صناع الفساد السياسي والمالي والاداري وتجارة الحروب بانواعها المختلفة والمنتفعين منها المتطاولون في البنيان من درجة الصفر، كما وانه قد أن الاوان لجميع القوى المدنية والمكونات السياسية والنقابية التداعي لعقد لقاء للوقوف امام هذه الظاهرة التي تتفاقم كالنار في الهشيم فالصمت لم يعد ممكنا فقد اصبحت مسالة ضمير تحدد اين يقف صاحبها وان البلاد التي يحكمها الفساد تعتبر محتلة وان غابت عنها الجيوش الأجنبية.