مع اقتراب عيد الفطر المبارك، تتفاقم معاناة آلاف الأسر التي قدمت أبناءها شهداء في ميادين القتال، إلى جانب الجرحى الذين يعانون من إصابات أعاقت حياتهم، والمعلمين الذين يقفون في طليعة المجتمع لكنهم يعيشون تحت وطأة رواتب هزيلة بالكاد تكفي لأيام معدودة. وفي ظل الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية ومتطلبات العيد، يجد هؤلاء أنفسهم في مواجهة قاسية مع واقع معيشي يزداد صعوبة يومًا بعد يوم، دون أن تلوح في الأفق حلول تنصفهم أو تعيد لهم شيئًا من حقوقهم المهملة.
تعتمد معظم أسر الشهداء والجرحى على مرتبات متواضعة، يتم صرفها – إن صُرفت – بشكل متقطع وبمبالغ لا تفي بالحد الأدنى من المتطلبات اليومية، مما يجعلهم يعيشون على هامش الحاجة، رغم التضحيات الجسيمة التي قدموها للوطن. أما المعلمون، فحالهم لا يختلف كثيرًا، إذ باتوا عاجزين عن تأمين حياة كريمة لأسرهم بسبب تدني الرواتب وغلاء المعيشة، في مشهد يعكس حجم الإهمال الذي يواجهه من يفترض أنهم بناة الأجيال.
الأسواق التي تزدحم بالمتسوقين في العشر الأواخر من رمضان تحوّلت إلى كابوس مرعب للفقراء ومحدودي الدخل، حيث تضاعفت أسعار الملابس ومتطلبات العيد إلى مستويات لا يمكن للكثيرين تحملها. يجد أرباب الأسر أنفسهم بين نار الحاجة والالتزامات العائلية من جهة، وعجز الدخل المحدود من جهة أخرى، ما يجعل فرحة العيد مؤجلة للكثيرين، بل غائبة تمامًا في بيوت الشهداء والجرحى والمعلمين الذين لا يملكون رفاهية تأمين متطلبات العيد لأطفالهم.
أمام هذا الواقع المرير، تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة تحرك الجهات المعنية لإنقاذ هذه الفئات التي قدمت وضحت من أجل الوطن. فمن غير المقبول أن يترك ذوو الشهداء لمصيرهم المجهول، أو أن يظل الجرحى يعانون بصمت، أو أن يستمر المعلمون في نضالهم اليومي من أجل لقمة العيش. إن الالتفات إلى هذه الشرائح في هذه الأيام المباركة لم يعد مجرد مطلب، بل ضرورة إنسانية وأخلاقية يجب أن تتحملها الجهات المسؤولة قبل أن يحل العيد وتجد هذه الأسر نفسها في مواجهة جديدة مع الخيبة والنسيان.