خلال الأشهر الماضية، كثفت ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، من إقامة الندوات والمحاضرات والدروس الطائفية لنزلاء السجون في صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية القابعة تحت سيطرتها.
الفعاليات الحوثية يقوم بها رجال دين وقيادات متطرفة، تركز على نشر أفكار ومعتقدات مغلوطة هدفها إقناع السجناء والمحكوم عليهم بقضايا جنائية بضرورة الالتحاق بصفوفهم والمشاركة في جبهات القتال التي يديرونها ضد المحافظات اليمنية المحررة.
وقال أحد أقارب نزيل في السجن المركزي في صنعاء لـ”نيوزيمن”: إن السجناء يُجبرون على الحضور بشكل شبه اسبوعي لمحاضرة يلقيها أحد القيادات الحوثية، موضحا أن المحاضرات ركزت على الجهاد وأهمية التصدي لمشاريع الغرب واليهود، وغيرها من المعلومات المغلوطة التي تروج لها الميليشيات الحوثية بهدف التغرير بالسجناء ودفعهم إلى إعلان انخراطهم في صفوفها.
وأضاف: “بعد إخضاع السجناء لعدة محاضرات يقوم مشرفون حوثيون بالنزول للسجن من أجل تسجيل أسماء الراغبين في التوجه للجبهات والمشاركة في القتال مقابل إطلاق سراح مشروط، موضحا أن الحوثيين قاموا بتسجيل سجناء بعضهم محكوم عليهم بقضايا جنائية وإرهابية بعد موافقتهم على الشرط الحوثي.
برنامج خاص للسجناء
مصدر في مصلحة السجون في صنعاء أفاد “نيوزيمن”، أن وزارة الأوقاف الحوثية وتحت إشراف النائب العام الحوثي القيادي محمد الديلمي أعدت برنامجا تثقيفيا يستهدف جميع السجون المركزية في صنعاء وباقي المحافظات. واعتمد البرنامج على قيام رجال دين حوثيين بعقد سلسلة من المحاضرات داخل السجون وإجبار السجناء والمختطفين على حضورها والاستماع لهم بهدف تطييفهم وتشييعهم عبر نشر أفكار متطرفة وإرهابية ومعتقدات مغلوطة.
وأشار المصدر إلى أن معظم المعلومات التي يتم الترويج لها تتركز على الجهاد والانخراط في صفوفهم والمشاركة في القتال إلى جانبهم والتوجه للجبهات، موضحا أن قيادات حوثية تحت ما تسمى “لجان تفتيش” تقوم بالنزول للسجون من أجل مساومة ومقايضة السجناء تحت مبدأ “المشاركة في القتال مقابل الإفراج”، وهي عملية إغراء تقدمها الميليشيات من أجل استقطاب أكبر عدد من السجناء وضمهم كمقاتلين.
تحشيد مستمر
تقارير حقوقية كشفت أن الميليشيات صعدت خلال الفترة الماضية من عملية استقطاب السجناء في المدن الواقعة تحت سيطرتها بعد إخضاعهم لدورات ومحاضرات ودروس طائفية، أسفرت تلك التحركات الانقلابية خلال الأشهر الماضية عن الإفراج عن 215 سجيناً في 3 محافظات، بعضهم على ذمة قضايا جنائية؛ من أجل إلحاقهم بالجبهات. وجاءت عمليات الإفراج المعلنة تحت مظلة “العفو العام”، وهي حيلة حوثية يتم الترويج لها لتبرير عمليات إطلاق سراح السجناء بين الحين والآخر.
وبحسب المصادر أفرجت الميليشيات عن 70 سجيناً من معتقلاتها بمحافظة عمران، و113 سجيناً من محافظة الحديدة، و32 معتقلاً من السجون بمحافظة ريمة. ووفقاً للمصادر تم نقل السجناء المفرج عنهم مباشرة إلى معسكرات تدريبية من أجل تجهيزهم وإرسالهم إلى الجبهات.
وتمكنت الميليشيات الحوثية منتصف العام الماضي عبر حملات إطلاق سراح مشروط من تجنيد أكثر من 800 سجين ومعتقل في نحو 5 محافظات يمنية تحت سيطرتها.
اختطافات وتعذيب
برنامج التحشيد داخل السجون يرافقه عمليات تعذيب وحشية بحق الرافضين، خصوصا في صفوف المختطفين الذين جرى اعتقالهم بصورة تعسفية في الحملات العسكرية ونقاط التفيش في مناطق سيطرتهم.
وفقا لما أفاد به حقوقيون في صنعاء فإن عددا كبيرا من المختطفين من المدنيين الذين تم سجنهم دون تهم، رضخوا للمقايضة الحوثية للهروب من عمليات التعذيب النفسية والجسدية التي يتعرضون لها بعد رفضهم حضور المحاضرات الحوثية أو عملية التجنيد.
وأوضح الحقوقيون أن حملات الاختطافات أصبحت ممنهجة بهدف التجنيد، حيث تم اعتقال الكثير من الشبان بدرجة رئيسية من نقاط تفتيشية وحملات مداهمة لمناطق ريفية خاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، والزج بالمختطفين في السجون بدون تهم أو حتى ملفات قضائية، ولا يتم عرضهم على النيابة أو المحاكم لعدة أشهر من أجل إرضاخهم وإجبارهم على قبول التجنيد.
وكشف تقرير حقوقي حديث صادر عن منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» عن توثيق جرائم تعذيب متنوعة طالت 120 مختطفاً متواجدين في عدة سجون حوثية. في حين تم توثيق وفاة 7 مختطفين مدنيين خلال العام الماضي.
وأوضح التقرير أن المنظمة تلقت العام الماضي 108 بلاغات بحالات اختطاف وإخفاء قسري لمدنيين من المنازل ومقرات العمل ونقاط التفتيش والكمائن الأمنية والعسكرية لميليشيا الحوثي، حيث تمكن فريقها القانوني من التحقق من 86 حالة اختطاف من إجمالي البلاغات، كما تمكن من توثيق 38 حالة إخفاء قسري في المعتقلات الحوثية.