في مشهد طال انتظاره، شهدت قاعة المحكمة في محافظة الضالع صباح يوم أمس الثلاثاء، انعقاد أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية اغتيال الشهيد المغدور العميد محمد الحاج عثمان الصولاني الشعيبي، بعد مرور أكثر من ثلاثة اعوام على واحدة من أبشع الجرائم التي عرفتها منطقة الشعيب، والتي لا تزال تفاصيلها تثير الألم في قلوب الأهالي.
*الشهيد المغدور محمد الصولاني*
مناضل ومقاوم وطني ووجه اجتماعي بارز، لم يكن مجرد اسم في قائمة الضحايا، بل كان رمزًا للكرامة والصوت الصادق في زمن الصمت. وقد قُتل بطريقة مروعة في 9 أبريل 2022م، أثناء تواجده في مزرعته الخاصة في وادي النماص، حيث تعرّض لاعتداء وحشي أسفر عن تهشيم جمجمته، في جريمة نُفذت بدم بارد وقلوب مجردة من الرحمة.
*العدالة التي طال انتظارها*
تحرك القضاء أخيرًا، بعد ضغط شعبي ومجتمعي كبير، حيث لم تهدأ الأصوات التي طالبت بكشف الحقيقة ومحاكمة الجناة. وقد شكّلت الوقفة الاحتجاجية التي نُظمت في 19 مايو 2024م أمام النيابة العامة بمحافظة الضالع نقطة تحوّل فارقة، حيث عبّر المشاركون عن غضبهم من بطء الإجراءات، مؤكدين أن “الدم لا يسقط بالتقادم، والعدالة لا تموت بالتقاعس”.
*وثيقة مجتمعية وتحرك قبلي منظم*
وفي لفتة غير مسبوقة، اجتمع في وقت سابق المئات من أبناء مديرية الشعيب في لقاء موسع بنادي قرية حذارة، ليعلنوا عن تكليف لجنة أهلية برئاسة الشيخ محمد صالح الأنعمي، لصياغة وثيقة شرف مجتمعية تُلزم الجميع بعدم التستر على أي من المتورطين، وتحمّل كل من يتعاون مع القتلة المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة. وبدأ التوقيع على الوثيقة من قبل شباب ووجهاء المديرية، في موقف يجسّد التكاتف المجتمعي في أسمى صوره.
*موكب التشييع.. رسالة وفاء*
في الثامن من مارس من العام الجاري 2025، سارت جموع غفيرة من مختلف مناطق الضالع في موكب جنائزي مهيب لتشييع الشهيد إلى مثواه الأخير. الحزن كان سيّد الموقف، والوجع واضح على الوجوه، بينما تعالت دعوات الرحمة والمغفرة، في لحظة حمل فيها الناس أوجاعهم مع النعش، وأعادوا تجديد العهد بالسير خلف مطالب العدالة حتى النهاية.
*العيون على العدالة*
اليوم، ومع انطلاق المحاكمة، تتجه أنظار أبناء الضالع عامة والشعيب خاصه إلى قبة المحكمة، آملين أن تكون هذه الجلسة فاتحة عهد جديد تسود فيه العدالة وتُرفع فيه المظالم. ولا يزال المجتمع المحلي ينتظر تنفيذ توصيات اللقاءات المجتمعية ومخرجات الوثيقة الشعبية، في سبيل تحقيق القصاص العادل والردع لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم.