في مثل هذا اليوم من تاريخ 25 لشهر مايو من العام 2015، دوّت في سماء الجنوب أولى صيحات النصر، قادمة من محافظة الضالع، حيث ارتفعت رايات المقاومة، وسُجّل أول انتصار نوعي ضد ميليشيا الحوثي التي كانت قد اجتاحت معظم المناطق لكن في الضالع، كانت الحكاية مختلفة وكان للميدان سطور عريظة
لم تكن الضالع مجرد محافظة جنوبية تتعرض للاجتياح، بل كانت ولا تزال حاضنة تاريخية للنضال، وروحاً ثائرة لا تركع. حيث انطلقت شرارة مقاومة جنوبية صلبة، تشكلت من عمق الثوار والمقاتلين الأحرار الذين حملوا السلاح بجهود ذاتية، مدفوعين بالإيمان بقضيتهم وكرامتهم الوطنية.
عمدت الميليشيات الحوثية وحلفائها إلى قصف مناطق الضالع بكثافة، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى الضالع بهدف العبور نحو العاصمة عدن ومع ذلك، كان لمقاتلي المقاومة رأي آخر. حيث استطاعوا، رغم نقص العتاد والدعم، تنفيذ عمليات نوعية أربكت الحوثيين، وتحركوا بذكاء عسكري من مختلف اتجاهات الضالع إلى مقبرة مفتوحة للغزاة.
وفي معركة خاطفة لكنها حاسمة، تمكّن المقاتلون من السيطرة على المداخل الرئيسية للمدينة، وتحرير مواقع ومعسكرات استراتيجية لينتهي الأمر بإعلان تحرير الضالع بالكامل في 25 مايو 2015، في حدث وصفه كثيرون بأنه بداية التحول في مسار الحرب.
تحرير الضالع لم يكن فقط نصرًا ميدانيًا، بل كان أيضًا نصرًا معنويًا ونفسيًا كسر هيبة الميليشيا، وبدّد وهم “التمدد السلس” الذي كانت تعتمد عليه في بقية المحافظات.لقد باتت الضالع بعدها رمزًا للمقاومة والصمود، ومصدر إلهام لجبهات باقي المحافظات الجنوبية ومركزًا خلفيًا للمؤن والتدريب والدعم اللوجستي.
كما مثّل هذا النصر إعادة الأمل للشارع الجنوبي ، وأثبت للعالم أن هناك إرادة شعبية حقيقية تقاتل لأجل التحرر، بعيدًا عن الحسابات السياسية والمصالح الإقليمية.
بعد مرور عشرة أعوام على معركة التحرير لا تزال الضالع تفتخر بهذا المجد، وتستحضر تضحيات أبطالها الذين واجهوا الموت بصدور عارية وقلوب لا تعرف الانكسار. وفي كل ذكرى سنوية للتحرير، يتجدد عهد الوفاء، وتُرفع رايات النصر، وتُشعل شعلة المقاومة من جديد، لتؤكد أن الضالع ستظل دائمًا في مقدمة الصفوف، حامية للكرامة، وصانعة للتاريخ.