كشفت تحقيقات صحفية حديثة عن واقع مرير في صناعة الذكاء الاصطناعي، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، إذ تعتمد بشكل ممنهج على استغلال البشر.
ففي حين تتباهى الشركات التقنية بنماذج اللغة الكبيرة (LLMs) التي تقدم إجابات سلسة في ثوان، يغيب عن الأذهان أن هذه الأنظمة “الذكية” تبنى على أكتاف جيش من العمال المهمشين الذين يعملون في صمت.
ووفقا للتحقيقات، يعتمد تطور هذه التقنيات الحديثة بشكل أساسي على آلاف العمال المنهكين في دول العالم الفقير الذين يعملون ساعات طويلة بأجور زهيدة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينما يتعرضون يوميا لمحتوى عنيف وصادم.
وأظهرت وثائق مسربة من إحدى كبرى شركات “تصنيف البيانات” (وهي عملية وضع العلامات والتعليقات على النصوص والصوتيات ومقاطع الفيديو لتدريب الخوارزميات)، كيف يتم اتخاذ قرارات مصيرية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي من قبل عمال متعاقدين في دول مثل الفلبين وباكستان وكينيا والهند، بينما تتحكم شركات التكنولوجيا العملاقة من خلف الكواليس.
وتوضح الوثائق كيف يقضي آلاف العمال ساعات طويلة في تصنيف المحتوى وتدقيق الإجابات وتحديد ما هو “مقبول” أو “مرفوض”. وهؤلاء العمال، الذين يعملون عبر منصات العمل الحر، يواجهون ظروفا قاسية تتراوح بين الأجور الزهيدة التي لا تتجاوز دولارين في الساعة، والضغوط النفسية الناتجة عن التعرض المستمر لمحتوى عنيف أو مسيء أو خطاب كراهية، ناهيك عن الرقابة الصارمة من المشرفين.
وكشفت مجلة “إنك” (Inc) مؤخرا عن الوثيقة السرية التي تعود لشركة “سيرج إيه آي” (Surge AI)، وهي إحدى كبرى شركات “تصنيف البيانات” التي تعمل كوسيط بين عمال التصنيف وشركات التكنولوجيا العملاقة مثل “أنثروبيك” (Anthropic)، المطورة لروبوت الدردشة “كلود” (Claude).