في الوقت الذي بدأت فيه الأسواق اليمنية تتنفس الصعداء مع تحسّن سعر صرف الريال واستعادته نحو 40% من قيمته أمام الدولار خلال أيام معدودة، تفاجأ الشارع المحلي بموقف صادم من مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية، التي رفضت تخفيض أسعار السلع الغذائية التي تستوردها، مخالفة بذلك موجة الانخفاضات التي بادرت بها بعض الشركات الأخرى.
ورغم المطالبات الشعبية والرسمية، برّرت المجموعة موقفها بأن البضائع المتوفرة في السوق تم استيرادها عندما كان سعر الدولار مرتفعًا، وأن أي خفض للأسعار في الوقت الراهن قد يسبب لها خسائر كبيرة، ما لم يُوفّر البنك المركزي ضمانات نقدية مستقرة لعمليات الاستيراد القادمة.
هذا التبريرات الذي قدمتها مجموعة هائل لم تقنع الشارع، حيث اندلعت على إثرها حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة المجموعة واتهامها بالتحايل على التعافي الاقتصادي الحاصل ،وبتغليب مصالحها الربحية على حساب معاناة المواطن اليمني الذي يرزح تحت ضغوط معيشية خانقة.
السلطات المحلية في بعض المحافظات المحررة لم تقف مكتوفة الأيدي، حيث باشرت بإغلاق نشاط الفروع التجارية التابعة للمجموعة، كما تم توجيه إنذارات رسمية إلى الشركات التي تتجاهل الانخفاض الحاصل في سعر الصرف، وسط دعوات متصاعدة وضغط من الشارع ومؤسسات المجتمع المدني لإجراءات أكثر صرامة.
في خضم هذا التصعيد، تُطرح تساؤلات جادة حول مستقبل العلاقة بين التاجر والمجتمع: هل باتت الأرباح أهم من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي؟ وهل تفرّط الشركات الكبرى كـ”هائل سعيد” برصيدها المجتمعي مقابل هوامش ربح مؤقتة؟
الإجابة ما تزال معلقة، لكن المؤكد أن الرأي العام بدأ يعيد النظر في مواقف هذه الشركات، ليس فقط كمورّد اقتصادي، بل كفاعل اجتماعي يُفترض أن يكون شريكًا في التخفيف من أعباء الناس لا عبئًا إضافيًا عليهم.