تواصل الثورة الجنوبية مسيرتها بعزمٍ وإصرار، مستندةً إلى تضحيات الشهداء والجرحى الذين رسموا بدمائهم الطاهرة خارطة طريق الحرية والاستقلال، مؤكدين أن الأوطان لا تُمنح، بل تُنتزع من فم المعاناة والإصرار على بلوغ النصر.
لقد أثبتت تجارب الشعوب أن كل ثورة كلما تقدّمت نحو أهدافها، واجهت تعقيداتٍ أكبر تتعلق بتشابك المصالح السياسية والإقليمية والدولية، ما يتطلب تطوير أدوات النضال وأساليبه، وضمان وعيٍ جماهيريٍ قادر على حماية الثورة من الاختراق والتضليل.
اليوم، بات أبناء الجنوب أكثر وعيًا من أي وقت مضى بفضل العمل الثوري المتواصل، وتطور أساليبه بما يتناسب مع خصوصية كل مرحلة. فمنذ اجتياح الجنوب عام 1994م مرورًا بالحركات السرّية مثل “موج” و“حتم”، وصولًا إلى انطلاق الحراك الجنوبي عام 2007م، شكّلت هذه المسيرة قاعدة صلبة توّجت بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أصبح رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية لا يمكن تجاوزه أو القفز على قضيته العادلة المتمثلة في التحرير والاستقلال كخيار استراتيجي لا رجعة عنه.
لقد تغيّر ميزان القوى؛ فلم يعد المحتل قادرًا على قمع إرادة الجنوبيين كما فعل في الماضي، فاليوم يمتلك المجلس الانتقالي أدوات سياسية وعسكرية مؤثرة، ومكانة إقليمية ودولية فاعلة كشريكٍ في مكافحة الإرهاب وحماية الأمن الإقليمي والممرات الدولية، ما جعل خصومه يعيدون حساباتهم ألف مرة قبل المساس بسيادة الجنوب أو كرامة أبنائه.
ورغم الصعوبات المعيشية، أثبت شعب الجنوب صموده والتفافه حول قيادته في مناسباتٍ عدّة، كان آخرها في الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة في مليونيتي الضالع وحضرموت، حيث جسّد الشعب وحدة الموقف والإرادة الثورية.
وفي هذا السياق نؤكد على أهمية إقامة مهرجان التصالح والتسامح القادم في ساحة العروض بخور مكسر بمشاركة جماهيرية مليونية، لما تمثله هذه الساحة من رمزية وطنية وتاريخية في ذاكرة الجنوبيين، كونها شاهدة على مراحل نضالهم ومكانًا حمل دماء الأحرار وذكريات المارد الجنوبي في فترات الحراك السلمي.
إنها ثورة الوعي والإصرار، ثورة تتجدد بروح الوحدة الجنوبية، وبإيمانٍ راسخٍ بأن النصر القادم هو ثمرة صبرٍ طويلٍ وعملٍ وطنيٍ صادق.