رغم التصريحات الرسمية المتكررة التي تبشّر بانتهاء أزمة الجوازات، لا يزال آلاف المواطنين يعيشون فصول مرارة المعاناة ذاتها، يقفون في طوابير الانتظار الطويلة، ويترقبون وعودًا تتجدد كل يوم دون أن يلمسوا واقعًا مختلفًا على الأرض.
قبل أيام، خرج وكيل مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية اللواء عبدالجبار سالم معلنًا عبر وسائل الإعلام عن انتهاء الأزمة بشكل كامل بعد وصول أكثر من ثلاثة ملايين جواز جديد، مؤكدًا أن الدفاتر الجديدة وصلت إلى الفروع في المحافظات المحررة، وأن العمل يسير بوتيرة عالية لخدمة المواطنين، بعد التعاقد مع شركة دولية لتوريد دفاتر بتصميم ذكي وتقنيات تأمين متطورة تشمل شعارات ثلاثية الأبعاد، وعلامات مائية، ورموز حماية رقمية تمنع التزوير أو العبث.
لكن، وكما جرت العادة، يبدو أن الواقع لم يواكب الوعود، وأنّ ما قيل أمام وسائل الإعلام لم يتحقق بعد أمام طاولات المراجعين في الفروع حيث يؤكد مواطنون: “نسمع تصريحات.. ولا نرى هذه التصريحات تترجم على الواقع حيث تحدث عدد من المواطنين المراجعين عن استمرار تأخر تسليم الجوازات رغم مرور أشهر على تقديمهم للمعاملات.
تحدث احد المراجعين في فرع خور مكسر قائلا “قدّمنا معاملتنا في شهر 8 الماضي وعندما عدنا لاستلام الجوازات بعد سماعنا خبر انتهاء الأزمة قيل لنا إن التسليم حاليا يقتصر فقط على معاملات شهري يونيو ويوليو، وأن علينا الانتظار حتى يتم الانتهاء من الدفعات السابقة.”
كلمات تلخص حجم الإحباط الذي يعيشه المواطنون، بعد أن سمعوا مرارًا أن «الأزمة انتهت»، بينما لا تزال المعاناة مستمرة وبين التصريحات والتطبيق… فجوة تزداد اتساعًا ما بين ما تعلنه قيادة المصلحة وما يعيشه المواطن في الميدان فجوة تتسع يومًا بعد يوم، تكشف عن إشكالية في إدارة الأزمة أو في آلية التوزيع والتنفيذ.
ففي حين تتحدث المصلحة عن «توزيع ملايين الدفاتر» و«رقمنة الخدمات»، لا تزال بعض الفروع تفتقر إلى أبسط مقومات التنظيم والشفافية في متابعة الطلبات، مما يزيد من حالة التذمر الشعبي ويُضعف ثقة المواطنين بالمؤسسات الرسمية.
ويشير مراقبون إلى أن تكرار الوعود دون إنجاز ملموس بات يضر بصورة المصلحة أكثر مما يخدمها، وأنّ معالجة الأزمة تتطلب شفافية في الإعلان عن الكميات التي تم توزيعها فعليًا ومواعيد التسليم الدقيقة للمعاملات الذي تم إنجازها وبين التفاؤل الذي تبثه التصريحات الرسمية، والواقع المرهق الذي يعيشه المواطن، يبقى السؤال مطروحًا بقوة هل انتهت أزمة الجوازات فعلاً كما تقول المصلحة؟ أم أنها ما زالت قائمة ولكن بوجه جديد من البطء والتناقض الإداري؟
المواطن لا ينتظر خطابات مطمئنة بقدر ما ينتظر جوازًا يحمل اسمه ويُنهي معاناته، فالكلمة التي يريد سماعها ليست “الأزمة انتهت” بل “جوازك جاهز.. تفضل باستلامه”.