– [ ] في مايو 1997 عينت وزيراً للصحة و أخترت زميل الدراسة و صديق العمر د. علي عبيد السلامي و كيل أول وزارة الصحة. عكفنا مباشرةً مع فريق من الخبراء لوضع الخطوط العريضة لوثيقة إستراتيجية إصلاح القطاع الصحي. كما قررنا أن نختار بعناية كوادر لشغل المراكز القيادية في وزارة الصحة و فروعها في المحافظات ، ووضعنا بعض المواصفات العامة لشغل هذه المواقع، وقد كانت أولاً المؤهل و الكفاءة و الخبرة و النزاهة. و لقد توفقنا في تعيين مجموعة كبيرة ممن تتوفر لديهم الشروط و المواصفات وقد كان الصديق و الزميل د. احمد علي ناجي في مقدمة هذه الكوادر إذ عيناه مديراً عاماً مكتب
– [ ] الصحة لمحافظة لحج. وقد كان لهذه المحافظة مكاناً خاصاً في القلب إذ من وقتٍ مبكرٍمن حياتي كنت اتردد على لحج الخضيرة بحكم قربها من عدن، و في عام 1959 ونحن طلبة في كلية عدن قررت إدارة الكلية ترتيب رحلة إلى محمية الضالع انذاك لكل طلبة السنة الثانية ومنهم أنا و زميلي د. علي السلامي. غادرنا الكلية في الصباح الباكر الى الضالع حيث استقبلنا و رحب بنا الامير شعفل في قصره حيث أعدت لنا مأدبة غداء دسمة تلاها مباراة كرة قدم بين فريقنا و فريق ابناء الضالع الابية. لقد كانت من أجمل رحلات العمر.
– [ ] إما المناسبة الثانية فقد كانت في عام 1973 حيث كان الرئيس سالمين يطلب من وزارة الصحة تنظيم مبادرات شعبية لفرق طبية الى مختلف المحافظات والمديريات و من حسن حظي بعثت مع فريق إلى الضالع حيث قمنا بعلاج أعداد كبيرة من المرضى كما أجرينا عدة عمليات جراحية. لذلك و من حبنا و علاقتنا التاريخية لهذه المحافظة حرصنا على إختيار افضل الكفاءات لقيادة مكتب الصحة هناك، و كان الدكتور أحمد علي ناحي رحمة الله تغشاه من أفضل و أكفأ كوادر الخدمات الصحية.
– [ ] الدكتور احمد يشكل المثال و القدوة لكل الاجيال، تفتقت مواهبه و ذكاءه منذ وقت مبكر في حياته، حيث درس الابتدائية في الشعيب و الثانوية في كلية عدن ليتخرج طبيباً من جامعة اديس ابابا في إثيوبيا، و منها ظل يطور من مستواه العلمي و العملي من خلال الممارسة و الإلتحاق بالدورات و الندوات العلمية و الطبية في مختلف بلدان العالم و منها مصر و ايطاليا و بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية. و بجهودٍ ذاتية تمكن من توسيع خبراته و علومه و مداركه في مجال الطب بشقيه العلاجي و الوقائي مما مكنه من التفوق و النجاحات في كل مناحي حياته العلمية و العملية.
– [ ] كان شامخاً و مميزاً في مستواه العلمي و طيبته و إنسانيته و عطفه و رأفته على المرضى و الضعفاء و المساكين. كان رحمة الله تغشاه لا يتوانى قط عن خدمة الناس و مساعدتهم. و خلال فترة قيادته لمكتب الصحة في المحافظة نجح بتنفيذ أغلب عناصر إستراتيجية إصلاح القطاع الصحي الخاصة بالمحافظة. و نفذ بكل إخلاصٍ و إقتدار برامج الرعاية الصحية الأولية و الحملات الوطنية للقضاء على شلل الاطفال و مكافحة الملاريا و الأمراض السارية، بإلاضافة الى تنفيذ برامج التثقيف الصحي و نشر مراكز رعاية الطفولة و الأمومة و الصحة الإنجابية و الإرتقاء بالطب العلاجي بمستوياته المختلفة.
– [ ] لقد مثل الأخ و الزميل الدكتور أحمد علي ناجي القدوة و المثل الأعلى للطبيب الإنسان بكل معاني الكلمة مما أكسبه حب و إحترام و تقدير كل من عرفه و كل من سمع عنه من المواطنين و زملاء المهنة و العمل و قيادة وزارة الصحة. إن الوطن الغالي في أمس الحاجة لأمثال هؤلاء الرموز الذين يندر تكرارهم ممن يؤ ثرون المصلحة العامة و يتفانون في خدمة المواطنين بكل إخلاص و تفانٍ و قمة في التواضع و نكران الذات.
– [ ] رحم الله فقيدنا و أسكنه فسيح جناته و أثابه خيراً على كل ما قدمه لكل مريض و ضعيف و محتاج.
الدكتور عبدالله عبدالولي ناشر، استاذ الجراحة/ كلية الطب. وزير الصحة، 1997-2001.