الصدارة سكاي: آراء واتجاهات
بعض النُخب السياسية والاجتماعية والقبلية باليمن -بالشمال والجنوب- وحتى بعض النُخب العربية لا تعلم أو تتعامى عن ادراك حقيقة ساطعة كالشمس في رابعة النهار تتمثل بأن المملكة العربية السعودية أصبحت تتعامل ولو من خلف الحَجَب مع معادلة عصية التوفيق بين كفتيها ونعني هنا التوفيق بين مطلب الشمال اليمني ببقاء الوحدة اليمنية وتطلعات معظم الجنوبيين بتحقيق هدف استعادة دولة الجنوب التي اتحدت مع دولة الشمال عام 90م- وفقا مبدأ : لا وحدة يمنية باقية فعليا على الأرض سواء بنسخة عام 90 م أو 94 م ولا عودة كاملة للجنوب لوضع دولته قبل وحدة عام 90 م .ولكنه أي الجنوب لن يكون بعد اليوم- وفقا لما تبعثه الرياض من تطمينات للجنوبيين المملكة- خاضعا بذات القبضة والسطوة التي ظلت تتحكم به من عام 1994 م -2015م..
بمعنى أوضح فالوضع باليمن بما يتعلق بشأن الوحدة سيكون متأرجحا (بين بين) أي أن ثمة بقايا للوحدة ما تزال قائمة كمطلب شمالي وليهدىء من روع القوى في صنعاء ومارب وتعز ويمتص من قلقها المتصاعد من أية ارتخاءة لقبضتها على الجنوب وطاقاته ومساحته الاستراتيجية الهائلة ومينها ولو من باب التربيت على الأكتاف بأن لا انفصال بمعنى الانفصال سيحظى به الجنوبيين يرتقي الى درجة استعادة وضع ما قبل 90م. وبهكذا فذلكة تكون المملكة قد أمسكت العصا من المنتصف في ملف هو الأكثر تحديا لها ..فوفقا ليمن: (نصف وحدة ونصف انفصال) فلا بمقدور الشمال ان يزعم ان الوحدة انتهت تماما او يزعم أن الجنوب قد افلح بالانفصال برغم رخاوة الوضع وامتلاك الجنوب قوات عسكرية ضاربة على الأرض . كما أنه وفقا لذات الفكرة أي يمن نص نص ستجابه المملكة سخط الجنوبيين من عدم تمكنهم من إعلان استعادة دولتهم بسبب الفيتو السعودي بمنطق ان الوحدة اليمنية التي ظللتم تجأرون بالشكوى من مظالمها لم تعد قائمة عمليا على الواقع فما هو قائما هو مجرد أشلاء وحدة متناثرة بين صنعاء وعدن ومأرب والمخاء لا خوف من شمطاء شاب وليدها.
سياسة التوازنات هي سياسة سعودية قديمة جديدة باليمن فهي تضعف القوى وتقصقص ريشه ولكن ليس الى درجة قطع جناحيه كاملا. وبالمقابل تقوي القوى الضعيفة الى مستوٍ يكون فيه ندا للآخر ولكن الى سقف محدود حتى يظل الكل شمالا وجنوبا تحت تأثير ذبذبات الروموت السياسي لا حول لهم ولا قوة يسهل التحكم بمصيرهم و بقراراتهم وببندقيتهم والاستئثار بأرضهم وطاقاتهم وجغرافيتهم. أي أننا أمام سياسة سعودية مرتكزة على قاعدة (الاحتواء المزدوج) ليس فقط احتواء القوى الشمالية الجنوبية معاً بل وحتى مع القوى الشمالية المختلفة فيما بينها وكذا احتواء القوى الجنوبية المختلفة مع بعضها وضبط ايقاع اختلافاتها ضبطا سعوديا.
ولتأكيد صحة ما نقوله: فقد غضت المملكة طرفها عن قرار المجلس الإنتقالي الجنوبي التوجه قبل أيام لعقد اجتماع لهيئته الوطنية بحاضرة المحافظة (المكلا) ولكنها اي المملكة في الوقت عينه استدعت الى عاصمتها على وجه السرعة عددا من الشخصيات الحضرمية المناوئة للمجلس الانتقالي الجنوبي المتزعم لمشروع استعادة دولة الجنوب السابقة قبل ساعات من انعقاد دورة الجمعية الوطنية في محاولة سعودية لقطع الطريق أمام المجلس الانتقالي لئلا يتفرد بمحافظة ضخمة المساحة وغنية واستراتيجية الموقع هي دُرة التاج بوزن ومكانة حضرموت وكذا هي محاولة سعودية لإحداث توازنات سياسية وقبلية داخل المجتمع الحضرمي لتمثل هذه التوازنات (بيضة قبان سعودية) بين كفتي فريقين :مُوالٍ ومعارض للمجلس الانتقالي ومنقسم حيال الوحدة والانفصال.