تقع قلعة صيرة اعلى جبل صيرة في الجزيرة المعروفة باسم صيرة شرق مدينة كريتر بالعاصمة عدن في الجنوب العربي، وهي عبارة عن جبل يحيط بها البحر من كل الجهات يبلغ ارتفاعه 430 قدماً عن سطح البحر.
وقد اختلف الباحثون في تعريفها، فقد ذكر صاحب «تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية» ثلاث قرائن حول التسمية:
1- ان المستعمرين البرتغاليين اطلقوا عليها اسم (سيرة) وتعني الجبل على هذه البقعة.
2- اطلق عليها الهنود اسم (سيرة سيت) وهي ربما إشارة إلى أسطورة رأس الجني (راون) الذي يسكن السلسلة الجبلية الممتدة من جبل التعكر (جبل حديد حالياً).
3- صيرة تعني بالعربية السمك الصغير أو الساردين أو الشقوق والكهوف.
اختلاف المؤرخين حول تحديد تاريخ بناء القلعة:
هناك دراسات أثرية قليلة أجريت في المنطقة، إحدى النظريات تقول بأن القلعة بنيت في سنة 1173 من قبل الحاكم التركي على عدن الأمير عثمان الزانغابيلي التكريتي وقد استخدمت القلعة للتصدي لهجمات البرتغاليين والأتراك خاصة في عام 1517م.
كما عمل البريطانيون على صيانة القلعة بعد احتلال عدن في عام 1839م.
وجاء الغرض من إنشاء القلعة للموقع الاستراتيجي الذي يتحكم في ميناء عدن القديم.
– للدفاع عن المدينة، ويدل ذلك من حيث عدد المدافعين عنها وانتشارهم في حجراتها المتعددة ووجود المزاغل المنتشرة فيها تطل غالبيتها على البحر.
تتكون القلعة من برجين اسطوانيين متساويين في الارتفاع يحصران بينهما المدخل الرئيسي الواقع في الجهة الغربية، في البرجين فتحتان كبيرة وفتحات صغيرة عبارة عن (مزاغل) تضيق في المقدمة وتتسع للداخل بحيث تسمح بحرية الحركة للمرابط عليها والتصويب بدقة كما يوجد مدخلان للقلعة رئيسي وهو محصور بين البرجين ويقع في الجهة الغربية والباب الآخر يوجد في البرج الشمالي. ويصعد إلى المدخل الرئيسي بواسطة درجات دائرية الشكل تؤدي إلى فتحة باب مستطيلة بطول 47.2 سم وعرض 96.1 سم كان يغلق عليها باب خشبي سميك لا يوجد الآن ولكن آثاره باقية ثم يليه باب خشبي آخر بطول 72.2 سم وعرض 96.1 سم يفتح على الصالة المركزية والبرجين احدهما يقع على جهة الجنوب والآخر إلى الشمال فيهما عدة فتحات ثلاث منها في الوسط وأربع في العلو وكذلك الحال بالنسبة للبرج الآخر ويختلف هذا البرج الواقع في جهة الجنوب بوجود باب من الناحية الشمالية ويلتف البرجان حول القلعة بشكل دائري ليلتقيان في الخلف.
من الداخل المدخل الرئيسي للقلعة يؤدي الى صالة مركزية عليها ممرات تؤدي إلى حجرات مختلفة المساحات، أما سقفها فهو سطح وبه فتحات للتهوية والضوء. ويلاحظ تنوع البناء والطراز المستخدم في اساليب الممرات بالأقبية الاسطوانية (البرميلية) والحجرات بالأقبية المتقطعة إلى جانب الأسقف المسطحة، الجانب الأيمن للبرج الجنوبي من القلعة يوجد به اربع غرف (حجرات) ويتم الوصول إلى هذه الحجرات عبر ممرين فالممر الأول يصل بالحجرة رقم (1-2) والممر الآخر يؤدي إلى الحجرتين (3-4)، في هذا البرج نفس عدد الحجرات في البرج الجنوبي ويتميز بوجود حجرات مغلقة من التهوية والضوء وربما انها تستخدم كمستودع أو مخزن للمؤن الغذائية وكذا الأسلحة وفي إحدى حجرات هذا البرج فتحة دائرية عبارة عن صهريج لخزن الماء لخدمة الحامية العسكرية في القلعة، ويتم الصعود للطابق العلوي للقلعة عبر درج حجرية وعلى سطح القلعة اربع قواعد حديدية في الجهات الأربع مستندة على قواعد مستديرة الشكل مبنية من الحجارة ومكونة من ثلاث طبقات وطبقتين وقد سدت بعض المزاغل في الطابق العلوي بأنها -مستحدثة- ويبلغ عددها ثمانية وعشرين فتحة كما يوجد الحمام في الطابق العلوي.
ويكشف الدكتور محمد كريم في كتابه (عدن، دراسة أحوالها السياسية والاقتصادية ) النقاب عن قضية هامة تتمثل بأن قلعة صيرة كانت موجودة في عهد الزريعيين الذين كانوا نوابا في عدن عن الصليحيين وذلك في سياق حديثه عن غزو وغارة ملك ( كيش أو قيس ) _ الواقعة في بحر عمان في الخليج العربي ـ على جزيرة ( صيرة ) والتي كانت تعرف في المصادر التراثية القديمة بـ ( الخضراء ) , فقد ذكر القلعة الخضراء، وبأن قائدها حاول أن يعمل الحيلة في مواجهة المحاربين القادمين من جزيرة قيس .. وتلك الرواية التاريخية تثبت أن قلعة صيرة أو القلعة الخضراء كانت مبنية في عهد الدولة الصليحية.
وعند احتلال الجنوب في العام 1994م من قبل اليمنيين تعرضت القلعة لمزيد من الاهمال والتدمير المتعمد من خلال تهشيم ما تبقى فيها من ابواب بالإضافة الى محاولة طمس الكثير من معالمها، لكن الامر الاخطر هو عملية التوسع ونحت اسفل الجبل ما اثر على القلعة وأحدث فيها بعض التصدعات.