يسلّط الانقلاب الذي قاده المجلس العسكري في النيجر، في 26 تموز/ يوليو الماضي، للإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا، الضوء على الموارد الطبيعية التي تزخر بها الدولة الواقعة غرب أفريقيا، وأبرزها اليورانيوم.
ويُعد اليورانيوم أكبر صادرات النيجر، كما تعد حاصلات بيع الدواجن والثروة الحيوانية ثاني أكبر مصادر الدخل القومي للبلاد بالرغم من صعوبة تقدير تلك العوائد فعليا.
ويُعد الخام المشع من الصادرات الرئيسية للنيجر، وقد أدى، على مر السنين، إلى تسليط الأضواء العالمية على البلاد – وكان ذلك أكثر شهرة في عام 2003، عندما شكلت المعلومات الاستخبارية الملفقة حول شراء عراقي محتمل لـ 500 طن من اليورانيوم النيجيري “الكعكة الصفراء” جزءا من رواية الولايات المتحدة لتبرير شن الغزو على العراق.
واليورانيوم، وهو عنصر معدني مشعّ، له العديد من الاستخدامات، بما في ذلك معالجة أمراض السرطان والصناعة البحرية والأسلحة، إضافة إلى الطاقة النووية.
والعام الماضي، أنتجت النيجر، التي تمتلك خامات اليورانيوم من الدرجة الأولى من ناحية الجودة، 2020 طنًا من اليورانيوم، وهي سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، حيث تنتج نحو 5 بالمئة من الإنتاج العالمي. وتمتلك النيجر إجماليّ احتياطي يبلغ 311 ألفا و110 أطنان من اليورانيوم.
وتتصدر كازاخستان قائمة الدول المنتجة، حيث تورّد 43 بالمئة من اليورانيوم حول العالم، وقد أنتجت 21,227 طنًا منه عام 2022، ثم كندا ثانيًا بـ 7,351 طنًا، وناميبيا ثالثًا بـ 5,613 طنًا، والنيجر هي أحد المصدرين الرئيسيين لليورانيوم إلى أوروبا. ففرنسا، المستعمر السابق للبلاد، (بين 1922 و1960)، مستورد رئيسي لليورانيوم النيجيري، الذي يساعد في تشغيل الصناعة النووية المدنية الفرنسية الضخمة.
ويبلغ معدل حاجة فرنسا لليورانيوم تقريباً نحو 7800 طن بالسنة، لتشغيل 56 مفاعلاً في 18 محطة نووية، وهو ما دفعها إلى استيراد اليورانيوم على مدى 50 عامًا من مستعمرتها السابقة النيجر (بين 1922 و1960).
المؤسسة الفرنسية للطاقة الذرية “أورانو/ Orano”، المعروفة سابقًا بـ “آريفا / Areva”، تشارك في استخراج اليورانيوم قرب مدينة آرليت في الصحراء الكبرى.
في المقابل، حاولت باريس التقليل من شأن قرار المجلس الانتقالي في النيجر بشأن وقف توريد اليورانيوم إليها، حيث أشارت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إلى أن انخفاض اليورانيوم النيجيري سيكون له تأثير ضئيل لأن “إمداداتنا متنوعة للغاية”.
وفي هذا المجال، تمثل النيجر ثالث مورّد يورانيوم لفرنسا بعد كازاخستان وأستراليا بين عامي 2005 و2020، بحسب وكالة “يوراتوم / Euratom” للتوريد.
إضافة إلى ذلك، تعد النيجر ثاني مورّد لمادة اليورانيوم يعتمد عليها الاتحاد الأوروبي.
استمرار التوريد ورغم قرار المجلس الانتقالي بشأن فرنسا، فقد نفت “أورانو” نفت أن تكون عمليات تصدير اليورانيوم إلى فرنسا قد توقفت بعد الانقلاب، مؤكدةً أن عمليات التوريد في هذا المجال ما زالت مستمرة.
واتفقت الشركة مع النيجر على بدء استخراج اليورانيوم من منجم “إيمورارين / Imouraren” شمال البلاد عام 2028، الذي يضمّ إحدى أكبر طبقات اليورانيوم في العالم، باحتوائه على نحو 200 ألف طن متري من احتياطي المادة.
عام 2021، وُجّهت انتقادات لـ “أورانو”، عندما أغلقت منجم “أكوكان /Akokan” بالقرب من مدينة آرليت، بعد أن استخرجت منه 75 ألف طن متري من اليورانيوم، مخلفة وراءها 20 مليون طن من النفايات النووية، وفق مراقبين.
اللجنة الفرنسية للبحوث المستقلة ومعلومات النشاط الإشعاعي (CRIIAD) (غير حكومية)، اتهمت “أورانو” بأنها لم تعمل على دفن النفايات المشعة تحت طبقات من الطين كما ينبغي.
ووفقًا للجنة المذكورة فإن هذا التقصير من جانب الشركة الفرنسية “يهدد صحة مئة ألف شخص يعيشون في المنطقة”.
أسعار اليورانيوم
وعلى صعيد السوق، سجلت أسعار اليورانيوم صعوداً طفيفاً منذ الانقلاب العسكري في ظل استمرار عمليات التعدين، فيما قالت شركة استشارية إن الأسعار قد ترتفع في الأسابيع المقبلة.
وقالت شركة أبحاث السوق والاستشارات “يو.إكس.سي”،الثلاثاء، إن سعر المعاملات الفورية لليورانيوم الخام المستخدم على نطاق واسع في الطاقة النووية وعلاج مرضى السرطان ارتفع إلى 56.25 دولار للرطل (452 غراما)، الاثنين، من 56.15 دولار قبل أسبوع.