صباح يوم السبت الماضي صحوت باكرا في تمام السابعة صباحا ، وبعد تناول وجبة الإفطار وانتظار وصول الباص الذي سيقلنا في الرحلة، انطلقنا في الثامنة صوب منطقة عمران الساحلية الجميلة الواقعة غرب العاصمة عدن، في التاسعة والنصف تقريبا وصلنا مفرق عمران، وكنا على موعد للقاء بالشيخ الشاب نافع الخضيري احد مشايخ قبيلة الخضيرة إحدى أبرز القبائل التابعة لمنطقة طورالباحة ناحية الصبيحة، والذي كان ينتظرنا على بعد أمتار من مفرق عمران وتحديدا في الطريق المؤدي الى المخا والذي يتفرع منه الخط الذي يربط عمران بطريق الرجاع مصنع الحديد، وعلى امتداد هذه الطريق الطويل تقع في اليمين منها الأرض المخصصة لإقامة مشروع مطار عدن الجديد والمستقبلي، إذ يقع موقع المطار بالمجمل شمال منطقة عمران الساحلية الجميلة ويبعد عنها بحوالي واحد أو اثنين كيلوا متر تقريبا في موقع استراتيجي هام تتجلى فيه عظمة العقول التي اختارت الموقع ليصبح مطارا جديدا ومستقبليا لعدن، وهو بالمناسبة يقع في النطاق الجغرافي لمحافظة لحج ناحية الصبيحة ويتوسط عدن ولحج، ويربط بين البر والبحر في مشهد خلاب وعظيم.
عندما وصلنا مفرق طريق المخا الرجاع التقينا الشيخ نافع الخضيري بعد تواصل مسبق دام لثلاثة أيام، وكان معه في سيارته الخاصة الشيخ عزام سعيد ناصر وهما أعضاء في اللجنة الخاصة بأهالي الخضيرة، ركنا الباص الذي قدمنا به من عدن على جانب الطريق وانطلقنا بسيارة الشيخ نافع البرادوا صوب ارض المطار، وقفنا اولا ننظر لمساحة المطار المترامي الأطراف والمقدرة بتسعة كيلوا في أربعة كيلوا متر، وهي مساحة أكبر من مطار عدن القديم بكثير، ويمكنها استقبال عدد من الطائرات الكبيرة والضخمة مهما كان عددها في وقت واحد، ويمكن بناء صالات استقبال كبيرة وضخمة فيه تضاهي ما هو موجود في مطارات الدول المجاورة في الخليج، وغيرها من المميزات التي يوفرها الموقع والمساحة واللذان يجعلان المطار مستقبلا أحد المطارات المنافسة في المنطقة والعالم.
تجولنا في مساحة وموقع أرض المطار والتقطنا الصور، والتقينا الأهالي من ابناء قبيلة الخضيرة التي تسكن في أرض المطار وعددها من 50 إلى 60 أسرة تمتلك منازل بدائية من الصفيح، وتعمل على رعي المواشي والابل، وتعتمد على الأشجار الكثيفة المتواجدة هناك في الاحتطاب والبيع، استمعنا إليهم ولمطالبهم، ووجدناهم أكثر تفاعلا في تسهيل جهود وزارة النقل بقيادة الوزير الدكتور عبدالسلام حميد في إقامة المطار الجديد لقاء الحصول على تعويض يمكنهم من الانتقال للعيش في مكان آخر ضمن أرضهم المجاورة للمطار أو غيرها.
لقد كانت زيارتنا للمكان اي موقع المطار الجديد والالتقاء باللجنة الممثلة للأهالي والالتقاء بالاهالي أنفسهم لها بعدين البعد الاول اعلامي ومهني بحت، والبعد الثاني لعب دور الوسيط بين الوزارة ولجنة الأهالي في تهيئة الظروف وبناء قاعدة صلبة قائمة على المصلحة المشتركة تهيء الامور للبدء في العمل على أرضية المطار من قبل وزارة النقل وبمساعدة لجنة الأهالي على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وقد نجحت المهمة والحمد لله، وفي الأيام القادمة سوف يبدأ العمل في تسوية الأرض وبناء السور الخاص بالمطار، ما يعني وضع اللبنة الاولى في سلم الانجاز الكبير بقيادة الوزير المثابر الدكتور عبدالسلام حميد، وطاقم الوزارة، ومدير مشروع المطار الاستاذ محمد ثابت القاضي، وكل الخيرين من مشايخ الخضيرة،وفي مقدمتهم الشيخ نافع الخضيري، وعزام سعيد ناصر،وياسر الخضيري، وحلمي الخضيري وآخرون.
ويمكن التأكيد أن مجلس الوزراء قد أصدر قرارا خاصا بإنشاء مطار عدن الجديد، وهو القرار رقم 19 لعام 2021، وهو القرار الذي أوصى وزارة النقل ووزارة الأشغال والمنطقة الحرة، بالعمل على تحديد مكان وموقع المطار الجديد والقيام بتسوية الأرض وبناء السور للحفاظ على موقع المطار، ومن هنا انطلقت جهود وزارة النقل والجهات المعنية لتنفيذ القرار الحكومي، وسوف تتكل كل هذه الجهود بالنجاح الكبير في قادم الايام.
ومن اللافت القول إن المطار سيعود بالأهمية الاقتصادية لمنطقة الصبيحة المتمثلة في مديريتي طورالباحة والمضاربة ورأس العارة، إذ أن وجود المطار في المنطقة الجغرافية لهذه المنطقة وبالقرب من الشريط الساحلي لمنطقة الصبيحة الممتد من عمران إلى باب المندب على خليج عدن، سوف يعمل بشكل إيجابي على ازدهار الحركة الاقتصادية والعمران في هذه المنطقة الهامة، وسوف يخلق فرص استثمارية كبيرة ما يؤهل المنطقة لتصبح المدينة الاكثر نشاطا أو العاصمة المستقبلية للجنوب أو ما يمكن تسميته عدن الجديدة، في الوقت الذي يمثل فيه موقع المطار الجديد لعدن الحالية والجنوب أهمية استراتيجية واقتصادية قصوى في توسع الاستثمار وإقامة العمران وازدهار النشاط التجاري، ومن المرجح أن يتم ربط المطار الجديد بطريق جديدة تصل المطار بمدينة عدن عبر منطقة الشعب، وقد تكون الاقصر والأسهل من الطريق الحالية المعروفة، التي تمر بالبريقا وصلاح الدين وعمران.
من المهم ايضا أن يحظى هذا المشروع الكبير بدعم مجتمعي كبير، سوا من قبل أهالي الصبيحة المستفيد الأول من هذا المشروع، أو من قبل ابناء الجنوب عامة، أو من قبل وسائل الإعلام والمنظمات المدنية الأخرى.
أن مثل هذه المشاريع الاستراتيجية الكبيرة والمستقبلية بحاجة إلى التفاف مجتمعي لدعمها وانجاحها، علينا أن ننظر للمستقبل، واي مشروع مستقبلي علينا دعمه حتى لا نفقد الأمل في المستقبل، وحتى لا نظل نرفل في الماضي ونتباكى عليه، عدن والجنوب أمامهم مستقبل كبير وزاهر، ولن يكون المطار هو الاول والاخير، وانما أمامنا مشاريع أخرى مستقبلية كثيرة تخطط لها وزارة النقل بقيادة الوزير الدكتور عبدالسلام حميد، كمينائي رأس العارة وخور العميرة، وغيرها، وعلى الوزارات الأخرى أن تحذوا حذو وزارة النقل في الانتقال من النوم في الماضي إلى العمل والتخطيط للمستقبل، وهذا ما يحتاجه بلدنا حقيقة، الذهاب نحو المستقبل الزاهر وليس غيره.