تقع مديرية جحاف غرب محافظة الضالع ، يبلغ عدد سكانها أكثر من ثلاثين ألف نسمة في، مركزها منطقة السرير. وتتوزع قرى ومناطق جحاف البالغ عددها حوالي 93 قرية على شوامخ هضاب ووديان جبل جحاف الذي يلتف في الناحية الناحية الغربية لسهل مدينة الضالع. وأعلى قمة فيه تسمى جبل المنارة الذي يبلغ ارتفاعه حوالي (7840 قدماً) عن مستوى سطح البحر. ويشكل الجزء الأوسط منه هضبة متكسرة على ارتفاع (7000 قدم)، ويتخذ الجانبان الشمالي والجنوبي شكل طنوف ذات ارتفاع كبير ومنحدرات تؤدي إلى أودية عميقة. تتناثر قرى المديرية لتشمل معظم المرتفعات والهضاب المحاذية لسفوح الوديان الخضراء الخلابة.
يتميز جبل جحاف بهواء معتدل صيفاً وبارد في الشتاء، وجو نقي غاية في الصفاء.. خلال فصلي الصيف والخريف ومع هطول الأمطار تكسو جبل جحاف الخضرة والمناظر الطبيعية للمدرجات الزراعية المتراصة بشكل منتظم أبدع الإنسان القديم في التفنن ببنائها، إلى جانب حفر أكبر عدد من الآبار السطحية المبنية جدرانها والتي جميعها جرى حفرها وبنائها بشكل دائري متسع من الأسفل ويضيق تدريجياً كلما صعد البناء نحو الأعلى وتبلغ عدد الآبار القديمة التي بني معظمها قبل مئات السنين أكثر من 350 بئر.. المناظر الطبيعية السياحية والشلالات المتساقطة من على المرتفعات خصوصاً في فصل الخريف تظهر الجبل أكثر جمالاً ما أطلق عليه الضباط الإنجليز في عهد الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن بـ الهند الصغرى لغزارة المياة المتساقطة والجداول المنحدرة من معظم الهضاب بالإضافة إلى خصوبة التربة التي تزرع معظم الحبوب والخضروات والفواكه.. وخلال الحقب الزمنية الماضية منذ ما قبل ثورة الرابع عشر من أكتوبر ضد الإنجليز إلى قبل أيام ظل أهالي جبل جحاف يعانون من صعوبة الطرقات الوعرة التي لا تستطيع عبورها سوى سيارات الدفع الرباعي والتي كانت تشكل عائقاً كبيراً لتنقلات السكان واتصالهم بالعالم الخارجي..
جحاف.. الجبل المتمسك بشموخه رقم قساوة الحياة..
اخيرا تخلص جبل جحاف من مشكلة الطريق التي كانت تشكل عقبة كبيرة تجاه السكان في تنقلاتهم والتسوق خارج جبل جحاف وجلب احتياجاتهم. اليوم وصل الطريق الاسفلتي إلى مركز جبل جحاف وأصبح بإمكان الأهالي استخدام كافة أنواع المواصلات من السيارات الصغيرة إلى الحافلات الكبيرة والدراجات النارية وغيرها. والآن وبعد التخلص من مشكلة الطريق أصبح لا فرق بين جحاف الجبل الريفي والمدينة من حيث توفر معظم الخدمات التي كانت لا توجد الا في المدن، بالاضافة الى سهولة وسرعة التنقل..
وقد أصبح جبل جحاف اليوم يشكل حالة أرقى من المدينة بكثير من الصفات التي يتميز بها ومنها على سبيل المثال الجو البارد والهواء النقي، بالإضافة إلى الهدوء والمناظر الطبيعية للمدرجات الزراعية واطلالته على اكثر من اربع مديريات تتمدد أسفله في المساحات المحيطة به من جميع الجهات..
تاريخ جبل جحاف.. لا توجد مصادر تناولت أسباب تسمية الجبل بهذا الإسم، باستثناء مجرد روايات متواترة واجتهادات لبعض الباحثين الذين يرجعون الاسم إلى اسم أحد أمراء الدولة الحميرية القديمة لاعتبارات أهمها الآثار والمقابر الحميرية الكثيرة المنتشرة في معظم مناطق جبل جحاف والتي تدل كثرتها على أن أول من سكن الجبل هم الحميريين وبأعداد كبيرة جداً.. هذا بالإضافة إلى بعض المعالم السكنية المطمورة تحت الارض والتي كشفتها سيول الأمطار الغزيرة التي حدثت في الأعوام 1995م و 2008م، وهناك بقايا اطلال لمنازل ودور عبادة قديمة غالباً ما تحمل نقوش وكتابات حميرية قديمة لكن بسبب عدم وجود جهات مختصة للاهتمام بهذه الآثار لم يجر ترجمتها والحفاظ عليها.. توجد الكثير من المعالم الأثرية أبرزها بقايا مباني المساجد التي يعود بعضها إلى العصر العباسي ومساجد أخرى بنيت أبان الاحتلال العثماني بالإضافة إلى كم هائل من المنازل التي تعود ملكيتها لليهود وهم بقايا السلالة الحميرية الذين غادروا جبل جحاف في اربعينيات القرن الماضي ضمن هجرة اليهود إلى فلسطين.. بينما تعرض جبل جحاف للاحتلال من قبل الإنجليز أثناء الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن وأقام الإنجليز عدة ثكنات لهم في مرتفعات قرنة وغيرها، قبل أن يقوم الثوار بشن هجماتهم على الجنود البريطانيين وفرض الحصار على ثكناتهم لمرات عديدة بدءا من انتفاضة 1958 وحتى بداية الستينات.. خضعت جحاف كغيرها من مناطق ومديريات الضالع لحكم إمارة الضالع بل وشكلت في أحد أبرز حكم الإمارة الأميرية مركزاً للحكم على يد الأمير حيدرة بن نصر..