أعلنت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في جلساتها، الأحد، فوز عدد من المواقع المرشّحة بأغلبية الأصوات، للانضمام إلى قائمة اليونسكو، وذلك خلال أعمال الدورة الـ45 للجنة المنعقدة في الرياض. وأدرجت اللجنة موقع تل السلطان في أريحا القديمة، ليكون أول موقع عربي يضاف إلى القائمة في الدورة الحالية، كما أدرجت ممرّ زرافشان – كاراكوم، أحد طرق الحرير المشتركة بين دول تركمانستان وطاجكستان وأوزبكستان في آسيا الوسطى. وأضافت اللجنة إلى قائمة التراث العالمي، الغابات الهيركانية الإيرانية – الأذربيجانية، والمشهد الثقافي بجيدو الإثيوبية، وكوتاماكو، أرض باتاماريبا في بنين، وآثار حجر الغزلان ومواقع العصر البرونزي ذات الصلة في منغوليا، وموقع كوكور الأثري لمدينة لينغابور القديمة، وتشوك قارقار في كمبوديا، وجايا تومولي في جمهورية كوريا. وانضمت إلى القائمة أيضاً، غابات الشاي القديمة في جبل جينغماي بالصين، وسانتينيكيتان في الهند، وخانات القوافل الفارسي في جمهورية إيران الإسلامية، وترونديك – كلونديك في كندا، والحصون الدائرية لعصر الفايكنج في الدنمارك، والتراث اليهودي في العصور الوسطى في إرفورت بألمانيا، وكولديجا – جولدينجن في كورلاند في لاتفيا. وأوضح مندوب أوزباكستان المشارك في الدورة، أن ترشيح طريق الحرير “لم يكن ليتم لولا جهود زملائه في طاجكستان، مؤكداً أن هذه الطرق كانت نقاطاً تربط بين أصقاع المنطقة، وتبادل البضائع والأفكار بين الشرق والغرب”. من جانبه، أشار ممثّل تركمانستان إلى أن طريق الحرير في تركمانستان “أدّى دوراً مهمّاً في التجارة والتواصل بين الشعوب، فضلاً عن كونه ظاهرة ثقافية وتاريخية استثنائية”، معتبراً أن إدراج الموقع ضمن قوائم التراث العالمي، “يشكّل إرثاً مهمّاً للأجيال اللاحقة”. وعلى خلفية إدراج طريق الحرير للتراث العالمي، قال مندوب طاجكستان، “إن الهدف الأساسي لإدراج المواقع التاريخية على هذه القائمة، هو صونها باعتبارها تشكّل أهمية كبرى لتاريخ البشرية”. وأعرب مندوب أثيوبيا عن سعادته لاختيار المشهد الثقافي بجيدو، “لما يتمتّع به من مميّزات في مجال الممارسات الزراعية المستدامة وإدارة الأشجار، ونظام أيكولوجي استثنائي”. وقالت مندوبة دولة بنين، “إن دولتها ستأخذ في القريب العاجل الإجراءات الضرورية لصون هذا الممتلك وإدارته بشكل أفضل”، لافتة إلى أن الموقع المدرج “يرتبط بتاريخ موغل في القدم، إذ كان عاصمة الإمبراطورية في القرن العاشر”. وعلّقت ممثلة منغوليا في اليونيسف على موقع بلادها المدرج حديثاً، معتبرة أنه “ينبثق عن إبداع بشري، والمعالم تفيد بعبقرية أجدادنا في منغوليا، وهي تعطي فكرةً عن نمط العيش والتعايش باتساق مع الطبيعة، وتعزّز التبادل الثقافي”. وأكدت ممثلة كوريا اعتزاز بلادها بهذا الإنجاز، وقالت “سنبذل قصارى جهدنا لصون هذا الممتلك”، فيما رأت ممثلة الصين أن “موقع الصين المدرج أخيراً أصبح ملكنا جميعاً الآن”. من جهته، أوضح ممثّل دولة الهند، أن الموقع مسجّل في مقاطعة بنغال، التي ولد فيها الفنان طاغور، الحائز على جائزة نوبل للأدب، وقام بتحويل الموقع إلى مدرسة ومركز للفنون بناءً على نظام التعليم الهندي الأصيل، وكانت رؤيته تستند إلى وحدة البشرية والإنسانية، كما كان يستلهم من التقاليد الفلكلورية الهندية الأصيلة”. وأكدت ممثلة دولة الدنمارك، أن هذا الترشيح التسلسلي لحصون عصر الفايكنغ، هو “ثمرة تعاون بين كل الجهات الفاعلة في الدولة والسلطات المحلية والمتاحف المسؤولة عن هذه الحصون”. وقالت ممثلة ألمانيا “إن إدراج موقع بلادها يبعث على السعادة، لكنه يضع مسؤوليات كبيرة على عاتقنا أيضاً، ونحن ملزمون بصون هذا التراث ونقله إلى الأجيال المقبلة”. واعتبر ممثّل دولة لاتفيا أن هذا القرار يمثّل “فرصة استثنائية لإطلاع العالم على القيمة التاريخية وجمال مدينة كولديجا”. وكانت اللجنة قد أدرجت حدود أربعة مواقع جديدة إلى لائحة التراث العالمي، وشملت الأماكن المدرجة كتلة غابات أودزالا – كوكوا في الكونغو، وغابات أندريفانا الجافة في مدغشقر، وبراكين وغابات جبل بيليه وبيتون شمال المارتينيك في فرنسا، كما وسّعت اللجنة حدود خليج هالونغ في فيتنام، ليشمل أرخبيل كاتبا. ويترقّب العالم إعلان لجنة التراث العالمي، نتائج التصويت بضمّ أكثر من 50 موقعاً جديداً إلى قائمة التراث العالمي، من بينها 37 موقعاً ثقافياً، و12 موقعًا طبيعياً، وموقعان يتمتعان بخصائص متعدّدة، فضلاً عن مناقشة 5 تعديلات على حدود المواقع التراثية القائمة. وكانت اللجنة قد ناقشت الأنظمة والتصويت على لوائحها على مدى الأسبوع الماضي، قبل أن تبدأ في الأسبوع الثاني بالتصويت على إدراج عشرات المواقع المرشّحة لدخول قائمة التراث العالمي. ومن المقرّر أن يستمر إدراج المواقع في قائمة اليونسكو للتراث العالمي حتى نهاية أعمال اللجنة، وذلك في 24 سبتمبر الجاري. وعبرت مدينة “جربة” التونسية بصعوبة إلى القائمة، بعد مداولات طويلة ومقترحات، أسفرت عن إدراج “المشهد الثقافي” في المدينة الذي يرمز إلى الاختلاف والتنوّع باعتباره ثروة حقيقية، وأن الحاجة أم الاختراع، إذ إن العوامل القاسية لم تمنع في الماضي مجموعات بشرية من الاستقرار في مجال مشترك، وابتكار محيط اجتماعي واقتصادي متأقلم، بحسب المنظمة العالمية. وأعربت وزيرة الشؤون الثقافية التونسية حياة قطّاط، عن سعادتها “بأن يأتي التتويج من أرض عربية، وفي السعودية على وجه الخصوص، التي ترأست اللجنة بنجاح باهر، وأظهرت في ما شهدنا خلال جولتنا عناية فائقة بإحياء التراث”. أضافت: “أن إرث جربة النادر في تنوّعه الثقافي ونموذجه الرائد في التعايش، أصبح محمياً بالقانون الدولي”. مواقع أخرى وأدرج على قائمة التراث العالمي موقع “كاوناس المعاصرة” في ليتوانيا، لأنه يشهد على التقدّم الذي حوّل البلدة الريفية التي توثّق عمارة ما بين الحربين العالميتين، إلى مدينة عصرية حديثة، كما أدرجت اللجنة موقع “جورديون” الذي يضم آثاراً تاريخية، إلى مملكة فريجيا في العصر الحديدي. وأضافت لجنة التراث إلى قائمتها أيضاً المنظر الطبيعي للجنجل في التشيك، وهو أحد المناظر الطبيعية المرتبطة بتقاليد زارعة الجنجل المعروف باستخداماته عالمياً في صناعة البيرة، وأحد المواقع التراثية التي توثّق تطوّر الزراعة الصناعية، والنظام الاقتصادي والاجتماعي لزارعة الجنجل من أواخر العصور الوسطى حتى اليوم. وشهدت أعمال اللجنة إدراج كل من المشهد الثقافي لشعب “خيناليج”، وطريق “كوتش يولو” في أذربيجان، والحديقة الأثرية الوطنية “تاكاليك أباج” في جواتيمالا، وحديقة جبال بالي الوطنية في إثيوبيا. وترأس السعودية حالياً لجنة التراث العالمي، وتستضيف هذه الدورة بحضور نحو 3 آلاف شخص من 21 دولة عضو في لجنة التراث العالمي، من أصل 194 دولة حول العالم، صادقت على اتفاقية التراث العالمي.