تحل على شعبنا الذكرى ال ٦٠ لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة، التي انطلقت أولى شراراتها من قمم جبال ردفان الشامخة الأبيّة في العام 1963م، وصنع مجدها المناضلون الأحرار وما قدموه من تضحيات بالأرواح الطاهرة والدماء الزكية؛ فداءً للوطن. هذه الثورة، تعد اللبنة الأولى الممهدة للطريق؛ لتحرير أرض الجنوب من قبضة الاحتلال البريطاني في الـ 30 من نوفمبر في العام 1967م، عقب احتلال جثم على صدر الوطن نحو 129 عامًا، لينبلج فجر يوم جديد، أرسى مداميك مرحلة جديدة، عنوانها الاستقلال والعزة والكرامة والحرية. وبإسناد ودعم إستراتيجي وإنساني من جانب القوى الخيّرة، وبالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الـ 60 لثورة أكتوبر، نرى أبناء وأحفاد رجال أكتوبر، يواصلون السير بخطى ثورية ثابتة على نهج أجدادهم المناضلين والثوار، حاملين على عاتقهم مسؤولية حماية ثورة الـ 14 من أكتوبر، التي قادت إلى التحرير والاستقلال من الاحتلال، والتصدي لكل ما تواجهه هذه الثورة من تحديات، وخوض معارك الشرف والإباء. وقد سطر هؤلاء الثوار الملاحم البطولية في وجه جميع من يريد التنكيل بهذا الشعب الكريم. وغني عن البيان، أن ثورة أكتوبر التحررية، كانت -ومازالت- تعد بالنسبة للمناضلين والثوار الأوائل ومن بعدهم أبناؤهم وأحفادهم بمنزلة النصر والبطولة، التي يتسلحون من خلالها بالإرادة والعزيمة الصلبة، التي تحطمت أمامها أطماع القوى الانتهازية، الطامحة إلى تنفيذ مشاريعها، دون مراعاة العواقب المدمرة لمغامراتها ورهاناتها الخاسرة على مستقبلنا جميعا. وإزاء ذلك، فإن ثورة أكتوبر، تعد رمزًا لشموخنا وكبريائنا وتحررنا، ومحطة تاريخية ووطنية مهمة، ينبغي التوقف عندها كل عام؛ لاستلهام العبر والدروس البليغة في التضحية والفداء من أجل الوطن. على أن تلك الدروس، لا ينبغي أن تقتصر على البطولات، التي سطرها الثوار الأحرار، وإنما يجب أن تمتد إلى التلاحم والاصطفاف الوطني والتفاف جماهير الشعب من أجل تحقيق أهداف ثورة أكتوبر، التي يحاول ويحلم المأزومون النيل منها. وتتوجب الإشارة -هنا- إلى أن الحرص على الاحتفاء كل عام بذكرى ثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة، وبخاصة في السنوات اللاحقة للحرب الأخيرة، يجسد مدى عظمة ومكانة الثورة التحررية الأكتوبرية في أفئدة جميع أبناء الوطن، وانعكس ذلك جليًّا من خلال إصرارهم على الاحتفال بثورة أكتوبر، رغم التعقيدات الراهنة، التي ألقت بضلالها و بآثارها السلبية على شتى مجالات وقطاعات الحياة الخدمية والمعيشية والاقتصادية، ومضاعفة المعاناة الإنسانية بين أوساط فئات وشرائح واسعة في المجتمع؛ بتدمير ما كان قائمًا من مقومات الدولة ومقدرات الحياة الأساسية، وإدخال البلد في نفق مظلم، ينبغي الخروج منه والتعافي والمضي صوب صنع الغد المشرق. ومن هذا المنطلق، يكون لزامًا على الجميع، سلطة وأحزاب سياسية وقوى وطنية وعسكرية، توحيد صفوفهم وتغليب المصلحة العليا للوطن، والمضي على درب تضحيات شهداء ومناضلي الثورة في مواجهة التحديات من أجل مواصلة تحقيق الانتصارات.