خفت صوت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، ولاسيما في علاقة بمطالباتها للحكومة إلغاء كافة الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل بما يشمل اتفاقية وادي عربة للسلام، وأيضا تفعيل “الجيش الشعبي”.
ويقول نشطاء سياسيون في الأردن إن تراجع الإخوان عن مطالبهم يعود إلى الخشية من نفاد صبر الحكومة التي كانت وجهت رسائل تحذيرية للجماعة على لسان رئيس وزرائها بشر الخصاونة، الذي ذهب حد وصف الجماعة وإن لم يسمها بـ”الطابور الخامس”.
ويشير النشطاء إلى أن رسالة الخصاونة وصلت إلى جماعة الإخوان، ولهذا قررت قيادتها التخلي عن لعبة المزايدات.
ويلفت النشطاء إلى أن الإخوان لا يريدون في واقع الأمر صداما مع الحكومة لاسيما وأنهم مقبلون على استحقاق مصيري في علاقة بالانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها العام المقبل.
وتعد الانتخابات المقبلة استثنائية حيث تأتي نتاج عملية إصلاح سياسي في المملكة شملت تغيير قانوني الانتخابات والأحزاب، بما عزز وضع الأحزاب على حساب باقي المكونات ولاسيما العشائر.
ويمكّن قانون الانتخابات الأحزاب من الحصول على أكثر من أربعين مقعدا دون احتساب المرشحين المستقلين القريبين منها.
ويطمح الإخوان في الأردن إلى الفوز في الاستحقاق الانتخابي المقبل، حيث أنهم الطرف الأكثر تنظيما، وقد حرصوا على استغلال الحرب على غزة من أجل استعادة شيء من بريقهم الشعبي الذي انحسر بشكل كبير خلال السنوات الماضية بفعل الانقسامات التي عصفت بهم.
ويرى مراقبون أن طموحات جماعة الإخوان في تصدر قائمة الفائزين في الانتخابات تجعلهم مجبرين على التهدئة مع الحكومة، حيث أن الاستمرار في استفزازها قد تكون له عواقب وخيمة.
وسبق وأن اختبر الإخوان حزم النظام، حينما قرروا للمرة الأولى الخروج عن بيت الطاعة وتصدروا مشهد الاحتجاجات في العام 2011.
وتعامل النظام الأردني حينها ببرود ومرونة شديدتين إلى حين مرور عاصفة الاحتجاجات ليتخذ بعد ذلك سلسلة من الإجراءات بحق الجماعة كنزع صفتها القانونية، مستغلا في ذلك بعض الثغرات، وأيضا عمل على تغذية الانقسامات داخلها.
ويقول المراقبون إن جماعة الإخوان لا تريد أن تجد نفسها مجددا في مواجهة هي الخاسرة منها، ولهذا تراجعت عن مطالبها الشعبوية مع الحرص على الحضور بكثافة في الاحتجاجات الشعبية الداعمة لغزة.
وقال الخصاونة في كلمة له في مجلس النواب يوجد في كل بلد طابور خامس بما في ذلك الأردن، وإن حكومته لن تسمح لهذا الطابور بخلق فتنة في البلاد، داعيا الشعب الأردني إلى الالتفاف خلف القيادة، والتصدي له.
وجاءت تصريحات الخصاونة في خضم مزايدات جماعة الإخوان وذراعها السياسية على الموقف الرسمي للدولة في علاقة بالحرب الإسرائيلية الجارية على غزة، وتعمّد الجماعة إحراج الحكومة، التي أجبرت على الإعلان عن إيقاف اتفاقية الماء مقابل الغاز مع إسرائيل، رغم حاجة الأردن الماسة للاتفاقية التي جرت برعاية أميركية.
وشارك الآلاف من الأردنيين الجمعة في تظاهرة على مقربة من السفارة الأميركية في عمان مطالبين بإغلاقها، ومنددين بدعم الولايات المتحدة “رأس الإرهاب” لحرب إسرائيل في قطاع غزة.
وهتف هؤلاء “أميركا هي هي، أميركا رأس الحية”، و”المقاومة مش إرهاب، أميركا رأس الإرهاب”، إضافة إلى “السفارة بتعمل إيه؟، كل الطاقم سي آي إيه”.
وحملوا لافتات كتب على بعضها “أميركا تقتل الأطفال في غزة”، و”الإرهاب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، صنع أميركي”، إضافة إلى صور للرئيس الأميركي جو بايدن كتب أسفلها “مجرم حرب”.
كما رددوا هتافات مؤيدة لحركة “حماس” بينها “قالوا غزة بكرا تركع وراح يعطوها لعباس (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، يخسأ الخائن اللي طبع كل بلادي لحماس”، و”قالوا حماس إرهابية، كل الأردن حمساوية”.
ويتعرض قطاع غزة منذ هجوم حماس على المستوطنات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر إلى حرب غير مسبوقة، أدت إلى مقتل أكثر من 17 ألف شخص، 70 في المئة منهم من النساء والأطفال دون سن الثامنة عشرة.