كل ما في الأمر اللعب على الوقت، ورهن حل القضية اليمنية بتطورات الوضع الإقليمي، تشتري الدول الفاعلة من الحوثي بضاعته الدعائية وتتساوق مع قوله الدفاع عن غزة، وتنتظر حلحلة الوضع هناك لإزالة خطر الحوثي الباليستي على السفن، والمضي معه في نهج تحاوري مفتوح على تسوية، هو من يرسم مساراتها أو على أقل تقدير يمتلك لاءات تعطيلها.
المبعوث الأممي يلتقي في مسقط ممثل الحوثي، والسعودية تعيد تمترسها خلف ثابتها الوحيد الانسحاب من المستنقع الدموي بأي ثمن، فيما واشنطن تعلن أنها منفتحة على الحل السياسي، وعلى مكافأة الحوثي في حال وقف هجماته على الممرات الملاحية، بإخراجه من خانة الإرهاب، وتبقى الشرعية في وضع الموت السريري بقرار إقليمي دولي، وصوتها استشاري.
الحوثي على الرغم من مشروعه الجهادي، واعتبار نهجه ما فوق وطني، إلا أنه لا أحد يتعاطى معه بآليات مكافحة وتجفيف الإرهاب، ويضع مقارنة بينه وبين داعش والقاعدة، مع أن الحوثي بمعيار الإمكانات والقدرة التي يملكهما والعمق المرجعي هو الأخطر، هو ليس جماعة كداعش هو أشبه بدولة، وهو مغطى سياسياً وعسكرياً من دولة إقليمية وليس معزولاً كالقاعدة، ومع أن المعايير تنطبق على الاثنين إلا أن مصالح تلك الدول تتعاطى مع الحوثي كطرف سياسي وشريك تسوية، وهو وضع لن تغادره، إلا حين يتحول الحوثي من جماعة محلية الهدف، إلى كتائب جهادية أممية تشعل الحرائق في الجوار والعواصم الكبرى.
خطاب الحوثي ليس مزدوجاً على المستوى النظري، بل هو واضح شديد التجلي، نسقه العام الجهاد وأدبياته تقول بمقاومة المدنية واعتبار دولها كافرة، وأن الله قد منحه تفويضاً بنشر صحيح دينه -كما تعتقد- بحد السيف أي بالعبوات الناسفة.
الحوثي خطر ممتد في الزمن والمكان، وقضيته ليست اليمن بل اليمن نقطة تمكين ومد وتصليب الجذور، لنشر فوضى إرهاب دولي لا يعترف بالقوانين الوضعية المنظمة للعلاقات بين الدول، ولا بالجغرافيا والحدود.
بوضع مقاربة بين أدبيات داعش والحوثي، فإننا نكون أمام حالة غير مسبوقة قوامها التالي:
إذا كان لداعش منظمة وخلايا عنقودية، فإن للحوثي سلطة أمر واقع، وإذا كانت القاعدة معزولة فإن الحوثي الجميع يحاوره ويحج إليه، وإذا كان لداعش إرهابه الفردي، فلإرهاب الحوثي جيوش وعتاد وله دولة.