تصدّر وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانين الصفحة الأولى من يومية “جورنال دو ديمانش” مُوجّهاً هجمات علنية ضدّ الإسلاموية، وواصفاً في تصريحات غير مسبوقة تنظيم الإخوان الإرهابي بـِ”المنظمة الشريرة”، التي حذّر من أنّها قد تستخدم أساليب أقل عُنفاً من الإرهاب المباشر، إلا أنّها تعمل في الخفاء على “التحوّل التدريجي لجميع شرائح المجتمع الفرنسي إلى المصفوفة الإسلاموية”.
وتفرّدت الصحيفة الفرنسية بحضور المناقشات التي أجراها وزير الداخلية مع أجهزة المخابرات حول التهديد الذي يُشكّله “الإسلام السياسي” في فرنسا اليوم، حيث أتيحت الفرصة لدارمانين الردّ بقوة على جماعة الإخوان المسلمين، فيما طلب رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون من مجلس الدفاع صياغة تقرير عن حالة هذا التهديد الإخواني تحديداً
سباق مع الزمن
ويتحدث وزير الداخلية الفرنسية عمّا أسماه سباق مع الزمن، وعن معركة ثقافية ضدّ منظمة شريرة، وعن تحدّي التصدّي لأساليب تنظيم الإخوان المخفية.
من جهتها حذّرت الاستخبارات الفرنسية الإقليمية من أنّه في الوقت الحالي فإنّ “تنظيم الإخوان الإرهابي يعمل بشكل قانوني، ويستخدم مظهراً سلساً للغاية ويتكيّف باستمرار”، وتُقدّر أنّ الحركة الإرهابية زاد تعداد أفرادها الداعمين في فرنسا من 50 ألفاً في عام 2019 إلى 100 ألف في 2024
بين التوعية والحظر!
وردّاً على سؤال “ما الذي يجب القيام به أكثر؟” دعا وزير الداخلية الفرنسي إلى التوعية، مُشيراً إلى أولئك الذين “يتعاونون مع الإخوان دون أن يعرفوا ذلك، بين السكان عموماً ولكن بشكل خاص بين الفاعلين المؤثرين من الموظفين الرسميين”.
وأكد دارمانين أنّ فهم المسؤولين المنتخبين والصحفيين والأكاديميين والقضاة لخطورة التنظيم الإرهابي يسمح بتحقيق الأمن والأمان في الحياة اليومية. وشدّد على أنّ الهجوم الإخواني جدّي، وعلى ضرورة المُقاومة الضرورية عبر تثقيف البلاد، ومن خلال ذلك يُمكن حمايتها وحماية المسلمين أنفسهم.
ويستمد الوزير الفرنسي الإلهام مما حدث في النمسا ضدّ هجوم الإخوان، مُشيداً بما قامت به، فقد وضعت البلاد المنظمة على القائمة السوداء لـِ “الجماعات المتطرفة المرتبطة بالجرائم ذات الدوافع الدينية”، وباتت الجماعة الإرهلبية محظورة هناك منذ عام 2021
الاستراتيجية الأساسية.. الإيذاء!
ولا يتردد وزير الداخلية الفرنسي في الإشارة إلى استراتيجية التسلل القوية التي ينتهجها تنظيم الإخوان الإرهابي في فرنسا، واصفاً إيّاها باستراتيجية الإيذاء التي تهدف إلى “السيطرة على كافة جوانب الحياة اليومية خطوة بخطوة”.
وحول قائمة هجمات الإخوان، يقول دارمانين “إنّهم يُهاجمون جميع قطاعات المجتمع ويشكلون شبكات في الرياضة والتعليم والطب والعدالة والمنظمات الطلابية والنقابية والمنظمات غير الحكومية وفي الحياة السياسية والثقافية واليومية”. ويُضيف إنّهم “يعطون تعليمات التصويت، ويدعمون الشركات المجتمعية، ويستخدمون الخطاب المناهض لفرنسا، ويطلقون الالتماسات، ويحيطون بالمسؤولين المنتخبين المحليين، ويوقعون شراكات اقتصادية مع العلامات التجارية الكبرى”.
وقف المشروع السياسي للإخوان
وبالنسبة لجيرالد دارمانين، فإنّ الهجوم السياسي الإخواني هو الذي بات على المحك بالفعل، ويؤكد أنّ الأمر لا يتعلق بمحاربة ” تيار ديني” بل وقف مشروع “سياسي” للتنظيم في الأساس، يُريد إعادة هيكلة المُجتمع الفرنسي والأوروبي وفقاً لمصالحه الخاصة.
وتبقى الحقيقة الأهم وفقاً لـِ “جورنال دو ديمانش” أنّ وزير الداخلية الفرنسي يذكر أن “الأمر لا يتعلق بفرض حظر مباشر على التنظيم، لأنّ ذلك ببساطة مستحيل” وفق رأيه، لكنّه بالمُقابل يُرحّب بحظر مظاهر التنظيم في النمسا وغيرها، مُشيراً إلى أنّ أعداداً متزايدة من الدول الأوروبية تفتح أعينها اليوم وتنضم إلى هذه المعركة.
ويُوجّه دارمانين نداءً مُهمّاً للمؤسسات الأوروبية حيث يُطالبها بثورة فلسفية حقيقية، مُعتبراً أنّ مصدر القلق الأكبر هو تمويل الاتحاد الأوروبي وهذه المؤسسات لمشروع الإخوان، وإن بشكل غير مباشر، لذلك لا بدّ من تثقيف المنظمات والمؤسسات الأوروبية، مُشيداً في ذات الوقت بما وصفه “الصحوة الأوروبية” التي يلاحظها أيضاً في ألمانيا والسويد ضدّ الإخوان، وأن يتم تعميمها في كلّ مكان.