رسالتي إلى محمية الأخطاء صنعاء، وأنا حينما أقول محمية الأخطاء، لا أقولها من منطلق عنصري، بل هذا ما يقتضيه حكم يراها المدينة التي أغرقتنا في العواطف، وأوردتنا موارد الخطأ بتعبئاتها، وكل اتجاه عاطفي فهو يتضاد مع الحياة الصارمة، فأصبحت صنعاء كما لو أنها محمية للأفكار الخاطئة، الخطأ فيها عريق بعراقة تاريخها، وكذلك الحضارات الكبيرة حينما تذهب تتحول إلى رماد على عيون أجيالها اللاحقة تحجب عنهم رؤية المعطيات المستجدة، إنْ مدّ الصواب يديه ليقتطع جذعا من جذوع الخطأ تناوشته أيدي صنعاء.
رسالة عاجلة إلى صنعاء في 22 مايو (القصيدة كاملة)
صنعاء يا قلق التوجسِ من مآلات الزوالِ صنعاء سوف أقول لكن أيُّ جدوىً من مقالي ؟ صَمَمٌ يغلّفُ مَسمَعَيْك وبَعْدُ عمياءُ الخيالِ قلبي يدقُّ تحرّقًا ويكاد ينفذ من خلالي
صنعاء يا وجهًا عبوسًا قمطريرًا يا سوادْ صنعاء يا سوط الإمام يسيل ظلمًا واضطهادْ صنعاء كيف عرضتِ أثواب الزبيريْ في مزادْ ؟ وطلبتِ أثوابي بلادًا .. كيف عدتِ بلا بلاد ؟!
صنعا.. أحفلٌ ما أراه؟! بأي عيد تحتفينْ ؟ أبِعيدِ من سكبوا خيانتهم على ورقٍ أمينْ؟! صنعاء رأسك سوف يسقط .. غادري ذكرى السنين ! أيطيح رأسك ثم يبكيك الوقوعُ على الجبينْ ؟
إن لم يكن هذا غباءً أي معنى للغباءِ لو شاء شعبٌ ما .. رفضتِ .. ولا رضيتِ بأن تشائي يا حفرةً عمياء في قلب الطريق إلى السماءِ ماذا على شفتيك ..؟! ويحكِ هذه الحَمرا.. دمائي !!
بيني وبينك حفرةٌ تزداد بالوقتِ اتساعا سُوْرُ السلامِ على هشاشتِهِ القديمةِ قد تداعى لم يبق صوتٌ بيننا .. عِفْنا التحدثَ والسماعا إن لم يكن بدٌّ من الحرب اقتحمناها سراعا
إن السلام … “وما السلام ؟؟!” تساءلتْ مُقَلُ الغرابْ وعلى شفاهك من دماء الأبرياء لها جوابْ إن السلام لديك أن تثبَ السيوفُ على الرقابْ هذي شريعتك التي لقّنْتِها شرهَ الذئابْ
إن كان حقدك أسودًا فالحقدُ كلّ الحقدِ أسودْ لك أنت تاريخٌ.. ولي مِن مثلِهِ ما كان أخلدْ لك أنتِ شعبٌ.. مثلُهُ لي يرفضُ العيشَ المورّدْ فعلامَ تقترحين موتي كي تذوقي العيش أرغدْ ؟!
صنعاءُ يا مُقَلًا مدمّاةً كأنهما مقابِرْ هذا الصديدُ ينزّ من عينيكِ قد ملأ الدوائرْ يا غابةً دفنَ المغولُ بها عقيماتِ الضمائرْ هذا وباؤك ظامئٌ يمتصّ أرواحَ العشائرْ
عيناك من ليلٍ تكوّرتَا ورأسُكِ من شرورِ ويداك من ثلجٍ فكيف أمدّ نحوهما شعوري؟!! فالغابة السوداء كالخفاش ترفض كلَّ نورِ هيهات أن تُبنى الحضارةُ فوق أقبيةِ القبورِ !
لا عهْدَ عندك .. لم يُصَنْ لك في مدى التاريخِ عهْدُ الموت أوّلُ ما ستقبضُهُ يدٌ لك قد تُمَدُّ الموت فكرتُكِ الوحيدةُ تستشيطُ أنِ: “استعدوا” إنْ في السلامِ أو الوغى .. ما منه في الحالينِ بُدُّ
صنعاء .. شاخ فمي وسمعك بعد يرهف للسكونِ يا وردةً بيد التتارِ وحكمةً بفمِ الجنونِ يا غيمةً لما أناختْ لم تَجُدْ بسوى المَنُونِ أواهُ ليتك كذبةٌ أو ليت أنك لم تكوني !