كم نحن بحاجة في هذه الظروف الإستثنائية على خطورتها وتعقيداتها؛ إلى ممارسة كل أشكال النقد البناء مهما كانت قسوته؛ وإلى التقييم الموضوعي مهما كانت درجة صراحته وألمه عند من يعنيهم الأمر؛ وهو ما ينبغي عليهم تقبل كل ذلك بمسؤولية ورحابة صدر إن أرادوا النجاح وتجنب الأخطاء؛ لأن التقييم الموضوعي والنقد البناء ليس موجهًا ضدهم كأشخاص بل للأداء وللسياسات.
لكن كم هو مؤسف أيضًا أن يذهب البعض بعيدًا في تقييمهم لمسيرة الانتقالي ونقدهم للأخطاء؛ ويصل بهم الأمر لعدم الإعتراف بما حققه الانتقالي من منجزات وطنية؛ إعتقادًا منهم بأن ذلك هو ما سيميزهم وطنيًا ونضاليًا؛ وهو الطريق الصحيح الذي سيترجم ويجسد حرصهم وخوفهم على قضية شعبنا الوطنية؛ والتي تتطلب منهم هكذا مواقف بل ويرفضون الإقرار بكل ذلك؛ وهي أساسًا ثمرة كفاح وطني شاق وطويل أمتد لأكثر من عقدين من الزمن؛ وهي أيضا نتاج طبيعي لتضحيات عظيمة متعددة الأشكال قدمها شعبنا الجنوبي العظيم بسخاء من أجل حريته وكرامته ومستقبله.
فكل هذا الذي قد تحقق للجنوب في نظرهم وفي أحسن الأحوال؛ إنما هي أمور هامشية وهشة ومشوهة ولا تخدم الشعب وقضيته؛ بقدر ما تخدم أعداء الجنوب وتتماشى مع أهدافهم ومخططاتهم؛ ولا يرون ما يخوضه الانتقالي من صراع مرير مع أعداء الجنوب؛ وما يواجهه من تحديات خطيرة ومصاعب وتعقيدات شائكة وعلى أكثر من صعيد؛ فهل مثل هذه المواقف العدمية والتنكر لمنجزات شعبنا الوطنية تكمن المواقف السياسية والوطنية الصحيحة؟
إن المسؤولية الوطنية تفرض على كل من يحرص على نجاح مسيرة الجنوب الوطنية ووصولها إلى بر الآمان؛ أن يمارسوا حقهم في النقد والتقييم لسياسات ومواقف الانتقالي وعبر كل الوسائل الهادفة للتصحيح والتصويب؛ والتخلي عن ممارسة ( النقد الهدام ) الذي يخرج عن الموضوعية؛ رغبة بالنيل من الانتقالي وكأن ما تحقق من منجزات وطنية للجنوب هي منجزات خاصة به؛ ويتناسون بأن النيل منه ككيان وطني مكافح وله حضوره القوي اليوم؛ والذي جعله يتصدر وبجدارة المشهد الجنوبي العام؛ لن يكون بمعزل عن النيل من هذه المنجزات الوطنية ذاتها وخطرًا عليها قبل الانتقالي.
إننا ندعو هنا بصدق وإخلاص هذا ( البعض ) ممن أختلطت عليهم الأمور؛ إلى أن يراجعوا حساباتهم؛ وأن يدركوا بأن حجم وشراسة المؤامرات وتعدد أطرافها ضد الانتقالي إنما تستهدف الجنوب؛ وكل ما قد تحقق له على طريق الخلاص والحرية؛ والانتقالي هنا مجرد عنوان عريض لكل هذه المؤامرات للوصول للهدف الأكبر وهو القضاء على مشروع الجنوب الوطني.