التقارب بين القوى السياسية الجنوبية ونظيرتها في “الجمهورية العربية اليمنية”، خصوصاً تلك المعارضة للحوثي، أصبح ضرورة ملحة في اللقاءات الأخيرة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية اليمنية، تعد خطوة إيجابية إذا أخلصت النوايا، لا سيما من قبل القوى السياسية في “الجمهورية العربية اليمنية”، التي لطالما نظرت لأي تكتل جنوبي على أنه “انفصالي” حسب قولهم عن “فك الأرتباط” ويجب منعه من ممارسة أي دور سياسي أو مجتمعي منذ العام 1994م٠
الجنوبيون، منذ حرب صيف 1994م، فقدوا الثقة في كل الأحزاب السياسية اليمنية، فقد قادت قوى المؤتمر والإصلاح تلك الحرب على أرض الجنوب، واجتاحوه بالقوة، ثم همشوا كوادره وحولوه إلى غنيمة حرب لشيوخهم وزعمائهم، وفي 2015م، تكرر المشهد من قبل الحوثي، الذي اجتاح أرض الجنوب بقوة السلاح، ليتم طرده أيضاً بقوة السلاح من قبل المقاومة الجنوبية٠
ساهمت هذه القوى في تحويل أرض الجنوب إلى ساحة للإرهاب بعد أن كان يتمتع بالأمن والأمان قبل الوحدة، ونتيجة لذلك، خسر الجنوب كثيرًا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وضاعت أجيال كاملة بسبب تعامل قوى “الجمهورية العربية اليمنية” مع الجنوب كأرض محتلة٠
اليوم، الجنوبيون أكثر حذراً من أي تقارب، وستظهر أصوات ترفض أي تحالف أو حوار مع “الجمهورية العربية اليمنية”، وهذا حقهم الطبيعي نتيجة تجاربهم المريرة، لكن الواقع يقول إنه لا بد من السمو فوق الجراح من أجل المستقبل، ولإنهاء الحروب والصراعات المستمرة التي استنزفت الجميع٠
لذلك، اليوم الكرة في ملعب القوى السياسية اليمنية لإظهار حسن النوايا تجاه الجنوب وتغيير طريقة التفكير في التعامل معه، بعيدًا عن النظرة الاستعلائية والإقصائية، ويجب أن يكون هناك إيمان بأن مصير الوحدة شأن جنوبي بحت، ومن حق أهل الجنوب أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، بعيدًا عن أي تأثيرات أو ضغوط، خاصةً أن الحرب الأخيرة قد رسمت ملامح المستقبل وصاغته بطريقة لا يمكن العبث فيها٠