في زمن تتلاطم فيه أمواج الأزمات الاقتصادية والسياسية، يبرز سؤال جوهري: هل يمكن أن يتنازل الشعب الجنوبي عن قيته ووطنه في سبيل تحقيق الرفاهية وتحسين حياته الخدمية وظروفه المعيشية؟ إن الإجابة على هذا السؤال تكشف عن عمق الوعي الوطني والكرامة الإنسانية التي يتمتع بها الشعب الجنوبي اكثر من اي شعب آخر.
يعتقد البعض، بسوء تقدير او جهل، أن بإمكانهم استخدام الخدمات الأساسية كوسائل ضغط لإرغام الشعب الجنوبي على التخلي عن قضيته الوطنية. لكن من يظن ذلك ، لا يدرك في الحقيقة طبيعة هذا الشعب الذي عانى الكثير ولكنه لم يتخلَّ عن هويته وحقوقه. إن الشعب الجنوبي مستعد للتضحية بحياته وليس فقط بالكهرباء والماء والرواتب، من أجل استعادة دولته وبسط السيادة الكاملة على ارضه ووطنه.
من يتصور أن الشعب الجنوبي يمكن أن يتنازل عن وطنه من أجل الكهرباء أو يتخلى عن أرضه مقابل الإنترنت، او يفرط في قضيته في سبيل الرواتب هو في حقيقة الأمر إما احمق او جاهل او غبي عن عمق الروح الوطنية التي يمتلكها هذا الشعب. حيث إن كل صرخات الفقر ومعاناة نقص الخدمات والفساد المتعمد لا يمكن أن تنال من عزيمة الجنوبيين، ولا يمكن أن تكون وسيلة للضغط على واحد من أعتى الشعوب التي عرفتها الأرض
إن السيكولوجية الجمعية للشعب الجنوبي تتسم بالعزيمة والإصرار. فالتاريخ مليء بالتضحيات التي قدمها هذا الشعب من أجل حريته واستقلاله. وقد أثبتت الأحداث خلال السنوات الماضية أن الضغوط الاقتصادية والخدمية والامنية والمعيشية لن تؤدي إلا إلى تعزيز إرادته في مواجهة التحديات. فالشعب الجنوبي ليس مجرد مجموعة من الأفراد الباحثين عن حياة رغيدة؛ بل هو كيان متماسك يسعى لاستعادة هويته الوطنية التي لا تقدر بثمن..
إن استخدام الخدمات كأداة للضغط انما هو استراتيجية قصيرة النظر. فالشعب الجنوبي يدرك تمامًا أن القضايا الكبرى لا يمكن أن تُباع أو تُشترى. وإن التنازل عن المبادئ الوطنية مقابل المال أو تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية والخدمية هو خيانة للدماء التي سُفكت والتضحيات التي قُدمت.
عندما نرى كيف يواجه هذا الشعب الصعوبات بعزيمة لا تلين، ندرك أنه ليس فقط مستعدًا للتفريط في الرفاهية والرخاء بل أيضًا وللموت في سبيل استعادة دولته. إن هذا الاصرار هو ما يجعل منه نموذجًا يُحتذى به في الصمود والمقاومة وتحمل كل المشاق.
لذا، يجب على كل من يحاول الضغط على الشعب الجنوبي عبر سياسات التجويع والتفقير أن يدركوا أنهم أمام شعب لا يعرف الاستسلام. إنهم أمام شعب مستعد لتحمل كل الصعاب من أجل تحقيق أهدافه الوطنية العظيمة.
في النهاية، يبقى السؤال: هل يمكن لأحد أن يشتري ولاء شعبٍ عظيمٍ كهذا؟ الإجابة واضحة: لا يمكن لأحد أن يتنازل عن وطنه مقابل أي شيء كان. فالشعب الجنوبي سيبقى صامدًا، متمسكًا بحقوقه ومبادئه حتى تحقيق النصر المنشود واستعادة دولته وكرامته.