رصد مركز سوث24 للأخبار والدراسات بعض التحليلات التي نشرتها منصات ومجلات وصحف دولية بشأن التطورات العالمية الأخيرة، وبالأخص ما يحدث في الشرق الأوسط. جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن ما تزال محور اهتمام كثير من هذه التحليلات مع تصاعد هجماتها البحرية مؤخرًا.
قال تحليل للمجلس الأطلنطي إن وفاة أو مقتل عبد الملك الحوثي، القائد الأبرز لجماعة الحوثيين في اليمن، سيترك تأثيرات عميقة على التنظيم وحلفائه الإقليميين، وخاصة إيران.
وأشار التحليل إلى أنه خلال الفترة الأخيرة، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي شائعات عن حادثة سقوط مروحية في جنوب غرب إيران، كانت تقل عدداً من قيادات الحرس الثوري الإيراني وقادة من الحوثيين، بمن فيهم عبد الملك الحوثي، قائد الجماعة، ومحمد عبد السلام، رئيس هيئة التفاوض للحوثيين. ورغم أن وسائل الإعلام الإيرانية لم تؤكد هذه المزاعم، وقد ظهر الحوثي لاحقاً في خطاب متلفز نافياً الشائعات، إلا أن هذه الواقعة تبرز المخاوف المتزايدة حول مصير هذا القائد للجماعة وما سيعنيه غيابه عن الساحة
وقال التحليل: “يعتبر عبد الملك الحوثي شخصية محورية في تاريخ الحوثيين، فمنذ توليه القيادة بعد وفاة شقيقه حسين بدر الدين الحوثي عام 2004، استطاع أن يجمع بين السلطة العسكرية والدينية والسياسية داخل الحركة، مما جعل الجماعة لاعباً رئيسياً في الصراع اليمني ووسيلة بيد إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة. وقد أدى صعود الحوثي إلى تركيز السلطات في يده وإبعاد الأصوات المعارضة داخلياً، مما منح الجماعة استقراراً داخلياً نسبياً وفعالية عسكرية واضحة، حيث تسيطر على مناطق واسعة في اليمن وتستطيع تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب”.
ويرى تحليل الأطلنطي أن وفاة الحوثي ستخلق فراغاً قيادياً صعب التعويض، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات والصراعات الداخلية في صفوف الجماعة. يعتبر شقيقه عبد الخالق الحوثي الخيار الأقرب لخلافته، بحكم دوره كقائد عسكري ونائب غير رسمي، فضلاً عن قيادته لأكبر كتائب الحوثيين منذ سيطرتهم على صنعاء في 2014. ومع ذلك، فإن مسألة الخلافة ليست محسومة بالكامل، حيث توجد شخصيات أخرى من العائلة مثل علي حسين الحوثي ومحمد علي الحوثي، الذين قد يرون في غياب عبد الملك فرصة للسيطرة على الجماعة. هذا التنافس الداخلي من شأنه أن يزعزع استقرار الحوثيين ويجعلهم أقل فاعلية في تنفيذ الأجندة الإيرانية في المنطقة.
أما بالنسبة لإيران، قال التحليل إن مقتل عبد الملك الحوثي سيعد انتكاسة كبيرة، حيث تعتمد طهران على الحوثيين لتوسيع نفوذها في اليمن ومحيطه. وفي حال تراجع تماسك الجماعة بسبب غياب الحوثي، ستضطر إيران إلى التدخل بفاعلية أكبر لدعم خليفة موالٍ لها، لضمان استمرار التحالف. ومع ذلك، قد تجد إيران أن مهمتها في توجيه الحوثيين ستكون أصعب، خاصة إذا أدت الخلافات الداخلية إلى تآكل الولاء لطهران، مما قد يفتح المجال أمام بعض قادة الحوثيين للتفاوض مع أطراف إقليمية منافسة أو محاولة تعزيز استقلاليتهم بعيداً عن النفوذ الإيراني.
ومن منظور إسرائيلي، يشير التحليل إلى أن غياب الحوثي قد يُمثل فرصة لتفكيك التنظيم بشكل تدريجي، لا سيما إذا أدت الصراعات الداخلية إلى إضعافه. ورغم أن هذا السيناريو قد يبدو مثالياً لإسرائيل، فإن الجماعة، بحكم هيكلها العقائدي والعسكري، قد تحافظ على قوتها لفترة، مستندة إلى إرث الحوثي كقائد كاريزمي وحليف استراتيجي لإيران.
هذا ما يجب فعله لردع الحوثيين
في تحليل نشره موقع “The Cipher Brief”، قال الأدميرال الأمريكي المتقاعد كيفين دونيغان إن الحوثيين المدعومين من إيران حققوا مكاسب استراتيجية كبيرة في البحر الأحمر، ونجحوا في تهديد التجارة البحرية وحرية الملاحة، رغم الجهود العسكرية الأمريكية والبريطانية.
ويرى دونيغان أن الحوثيين “استفادوا من دعم إيراني مستمر مكنهم من مواصلة الهجمات على السفن التجارية وتوسيع نفوذهم في المنطقة، ما يعرض المصالح الأمريكية للخطر ويزيد من تعقيد الأزمة في هذا الشريان البحري الحيوي”.
وركز التحليل على أن أحد أسباب قوة الحوثيين هو محدودية الاستراتيجية الأمريكية الحالية، التي تركز على توجيه ضربات للأنظمة التشغيلية والأسلحة، مثل تدمير الطائرات المسيرة ومنصات إطلاق الصواريخ، دون التركيز على تعطيل شبكات الإمداد والدعم الإيرانية التي تُعد العمود الفقري لقدرات الحوثيين. ويرى دونيغان أن تغيير هذا النهج وتوسيع نطاق العمليات ليشمل شبكات الإمداد يمكن أن يكون حاسمًا في ردع الحوثيين وإضعاف قدراتهم الهجومية.
ويوصي دونيغان بتبني استراتيجية أمريكية شاملة، على غرار الاستراتيجية التي نجحت في تحييد تنظيم القاعدة في اليمن. وتشمل هذه الاستراتيجية:
1. تعطيل شبكات الإمداد الإيراني: يرى دونيغان أن الحوثيين يعتمدون بشكل كبير على إمدادات الأسلحة والدعم الفني من إيران. لذا، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها التركيز على تعطيل خطوط الإمداد البحرية والبرية التي تصل الحوثيين بإيران، بما في ذلك مراقبة وتدمير السفن والشحنات المستخدمة لنقل الأسلحة والمعدات إلى اليمن، إضافة إلى فرض عقوبات مشددة على أي كيان يساهم في نقل هذه الإمدادات.
2. استهداف القيادة الحوثية: ينصح التحليل بأن استهداف القيادات العليا للحوثيين يمكن أن يكون له أثر كبير على كفاءة التنظيم وقدرته على إدارة العمليات. فبدلاً من التركيز فقط على تدمير المعدات، يجب تنفيذ عمليات دقيقة تستهدف زعماء الحركة وعناصرها المؤثرة، بما يسهم في تقويض قوة الحوثيين وإضعاف شبكات الاتصال الداخلية لديهم.
3. التعاون الدولي لتعزيز الرقابة البحرية: يدعو دونيغان إلى قيادة الولايات المتحدة لجهد دولي يهدف إلى تعزيز الرقابة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. ويشمل ذلك تنسيق الجهود مع حلفاء إقليميين ودوليين، مثل الدول الأوروبية ودول الخليج، لضمان حرية الملاحة ومنع تسلل الأسلحة للحوثيين عبر البحر.
4. استخدام وسائل الحرب الإلكترونية: يشير التحليل إلى أهمية استغلال القدرات المتطورة للولايات المتحدة في مجال الحرب الإلكترونية لتعطيل الأنظمة التشغيلية للحوثيين، مثل الطائرات المسيرة ومنصات إطلاق الصواريخ. ويمكن للحرب الإلكترونية أن تسهم في شلّ قدرات الحوثيين وتسهيل استهدافهم بفعالية أكبر دون المخاطرة بسلامة السفن الأمريكية والقوات المتواجدة في المنطقة.
5. توسيع الدور الدبلوماسي والعقوبات: إلى جانب العمليات العسكرية، يشير دونيغان إلى أن دبلوماسية حازمة تشمل زيادة الضغوط الدولية على إيران وتوسيع العقوبات ضد الكيانات المرتبطة بالحوثيين قد تسهم في إضعاف الحركة. كما يمكن أن تؤدي إلى إجبار الحوثيين على وقف هجماتهم والانخراط في محادثات دولية لضمان استقرار المنطقة.
في نهاية التحليل، يشدد دونيغان على أن الوضع الحالي في البحر الأحمر وباب المندب يتطلب التزامًا أمريكيًا قويًا وقيادة واضحة للمجتمع الدولي، لضمان عودة الاستقرار وحرية الملاحة في هذه المناطق الحيوية للاقتصاد العالمي.
شي جين بينغ سيستمر بتوجيه سياسة الصين حتى بعد مغادرة السلطة
في تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست، توقع خبراء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، حتى في حال خروجه من السلطة، سيظل مؤثراً في تشكيل مستقبل الصين “بفضل سلطته التي تمكّن من إحكامها عبر تهميش الأصوات الإصلاحية وتعزيز موقعه كقائد لا يُنازع في الحزب الشيوعي الصيني”.
وأضافت المجلة: “على مدار سنوات قيادته، قاد شي تحوّلاً جذرياً في سياسات الصين الداخلية والخارجية، تضمن التركيز على تعزيز القوة العسكرية، مما زاد من احتمالية حدوث مواجهات مباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.
ويرى التحليل أن شي جين بينغ حقق صعوده إلى القمة عبر استراتيجية مُحكمة تزاوج بين الصرامة السياسية والاقتصادية، حيث عمل على تطويق القوى المعتدلة داخل الحزب، مما أتاح له اتخاذ قرارات جذرية، مثل توسيع النفوذ الصيني في بحر الصين الجنوبي من خلال بناء قواعد عسكرية ونشر قدرات بحرية متطورة.
وأضاف التحليل: “هذا النهج التوسعي أسهم في تصعيد التوترات مع جيران الصين ومع الولايات المتحدة، التي اعتبرت هذه التحركات تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة والأمن الإقليمي”.
ويعتقد التحليل أن التوجه نحو المركزية الشديدة داخل الحزب الشيوعي، الذي فرضه شي، جعل أي تغيير في القيادة مستقبلاً محفوفًا بالتحديات. مضيفًا: “من المتوقع، في حال مغادرته، أن يُحدث ذلك فراغاً يمكن أن يؤدي إلى صراع داخلي بين التيار العسكري المتشدد، الذي يدعم بقاء السياسات الصارمة والموقف العدائي تجاه القوى الغربية، والتيار الإصلاحي الذي قد يرى أن خفض التصعيد يمكن أن يفتح المجال أمام نمو اقتصادي متوازن ويعيد بعض الاستقرار إلى العلاقات الإقليمية والدولية”.
ولفتت المجلة إلى أن “إحدى الشخصيات البارزة التي قد تتنافس على القيادة بعد شي هو لو تشانغ، الذي يتمتع بدعم كبير داخل المؤسسة العسكرية. يُعرف لو بتوجهه المتشدد، ويرى في السياسة العسكرية وسيلة لتحقيق النفوذ، ما قد يعزز الاستمرارية في سياسات المواجهة”.
وأردفت: “في المقابل، هناك شخصيات أخرى مثل لي كه تشيانغ، المعروف بمواقفه الإصلاحية، والذي قد يسعى لتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول المجاورة وتخفيف الصراعات الإقليمية. لي يمثل توجهًا مختلفًا يركز على النمو الاقتصادي كأولوية ويرى أن السياسة الخارجية يجب أن تخدم هذا الهدف”.
وأضافت المجلة: “من جهة أخرى، تتابع الولايات المتحدة وحلفاؤها هذه التطورات بحذر، حيث يعتبر بعض المراقبين أن أي انقسام داخلي في الصين قد يُضعف قدرتها على تنفيذ سياسات صارمة في المنطقة، مما قد يتيح فرصاً لتجديد الحوار وتقليل التوترات”.
لكن التحليل حذر أيضًا من أن أي صراع داخلي قد يؤدي إلى عدم استقرار في سياسات الصين الخارجية، مما يزيد من احتمالية التصعيد العسكري كوسيلة لحشد الدعم الداخلي وإظهار القوة”.