في الجنوب تتربص عصابة متشعبة الجذور والأذرع وكأنها أخطبوطٌ يجيد نسج خيوطه حول الجسد الجنوبي، هدفها واضحٌ لا لبس فيه وهو تحويل الجنوب إلى أرضٍ ضعيفة يسهل التحكم بها وتسهل السيطرة على قراره ومصيره٠
هذه العصابة ليست عشوائية بل هي مؤسسة منظمة تُدار بأدوات دقيقة تعمل على تفكيك كل ما يمكن أن يمنح الجنوب القوة والكرامة وتحقيق السيادة واستعادة الدولة٠
تبدأ حكاية هذه العصابة من رأس الأفعى فرع الفساد المنظم، هذا الفرع هو اليد الخفية التي تمتص موارد الجنوب وتحيل خيراته إلى جيوب نخبة قليلة مثل عثةٍ تأكل النسيج من الداخل وهذا الفرع يضع القوانين والأنظمة ليغطي بها سرقاته ويبيع مقدرات الوطن بأبخس الأثمان ولا يخفى على أحد أن إضعاف الخدمات الأساسية هو أداة فعالة لجعل الناس يقفون في طوابير الانتظار بدلًا من السعي للنهوض فالمياه المقطوعة والكهرباء التي تتراقص بين الانقطاع والعودة والصحة المنهارة والتعليم المتراجع، كلها ليست مجرد صدفة، بل هي أدوات تُدار بخبثٍ لإغراق المواطن في بحرٍ من العجز٠
في ركن آخر يجلس مهندسو انهيار العملة يُشعلون النار في جسد الاقتصاد ويراقبون عن كثب كيف تسحق ألسنة التضخم أحلام الشعب فإنهيار العملة ليس مجرد إخفاق اقتصادي بل هو فعل مقصود يراد منه تحويل المواطن إلى عبدٍ للقوت اليومي، مشغولٍ بلقمة عيشه، غافلٍ عن قضيته الوطنية.
واذا اتينا الى فرع خلق الازمات والنزاعات سنجد انه الوقود الدائم للفوضى ولهذا لا تسلم رقعة في الجنوب من فتيل أزمات تُشعلها هذه العصابة مثل نزاعات قبلية وإذكاء تلصراعات المناطقية ومؤامرات تُحاك لزرع الفتنة بين أبناء الجنوب وهذا الفرع يدرك أن الجنوب القوي يبدأ من الوحدة الوطنية ولذلك يعمل ليلًا ونهارًا لتفتيت هذا الحلم٠
اما اخطر فرع لهذه العصابة يعمل في الظل، هذا الفرع مهمته التشويش الإعلامي، يطلق سهام الأكاذيب والشائعات ويصور الأبطال كخونة ويقدم العملاء كمنقذين، ينشر الضباب أمام أعين الشعب ليخفي جرائم العصابة ويروّج لأساطيرها الزائفة٠
لكن وسط هذا المشهد المظلم يظل الجنوب نابضًا بأبطاله وشرفائه الذين يحملون راية النضال والتحدي، هؤلاء الشرفاء وفي طليعتهم المجلس الانتقالي الجنوبي يدركون حجم المؤامرة التي تُحاك ضد الوطن ويعملون بإصرار لإقامة الدولة الجنوبية المنشودة دولة العدل والكرامة والهوية المستقلة٠
إن المجلس الانتقالي اليوم في موقع مسؤولية تاريخية وعليه أن يتحرك بخطة استراتيجية شاملة لضرب هذه العصابة في مقتل، تبدأ هذه الخطة أولًا بإغلاق ثغرات الفساد والتصدي بحزم لرموزه ثم بضمان تقديم الخدمات الأساسية كحقٍ مكفول لكل مواطن جنوبي ويجب أن يترافق ذلك مع إصلاحات اقتصادية جذرية تُعيد للعملة استقرارها وتُنعش الاقتصاد المحلي بعيدًا عن قبضة المتلاعبين٠
أما على صعيد الإعلام فلا بد من بناء إعلام وطني صادق يُسلط الضوء على حقيقة هذه العصابة ويكشف مكائدها مع تعزيز وعي الشعب ليكون درعًا حصينًا في وجه محاولات الفتنة والتضليل٠
ختاما:
إن المعركة ضد هذه العصابة ليست معركة المجلس الانتقالي وحده بل هي معركة كل جنوبي غيور على وطنه، الجنوب اليوم أمام فرصة حقيقية للوقوف صفًا واحدًا شعبًا وقيادة لإسقاط هذه العصابة وتحرير الأرض من قبضة الفوضى٠
الشرفاء في الجنوب هم الأمل الذي لا ينطفئ والمجلس الانتقالي هو الحصن الذي يذود عن المشروع الوطني٠
معًا وبتكاتف الجميع يمكن أن يتحول الجنوب من ساحة للصراع إلى نموذج للدولة المستقلة القوية التي ترفض الذل والارتهان وتخطو بثبات نحو مستقبل مشرق يحمل الكرامة والحرية لكل أبنائه٠